خطيب جمعة الديوانية :راية التوحيد الإلهي تشمل كُل الأديان والرسل السماوية

المركزالإعلامي-_إعلام الديوانية

اكد خطيب جمعة الديوانية الأستاذ قاسم الكعبي “دام عزه” في الخطبة التي القاها في مسجد النور وحسينية محمد باقر الصدر ‘قدس سره-اليوم الجمعة من جمادى الأولى 1441هجرية الموافق 17 من كانون الثاني 2020 ميلادية.أن سياقِ المشروعِ الوحدويِّ الإنسانيّ العالميّ الذي يقودُه الأستاذُ المعلمُ والقائمُ على أساسِ إثباتِ وإبرازِ وتفعيلِ وحدةِ الدياناتِ السماويةِ ووحدةِ الهدفِ السامي الذي نزلتْ من أجلِه والمتمثلِ بتحقيقِ الكمالِ والسعادةِ للبشريةِ، يُواصِلُ المحققُ الأستاذُ طرحَ وتفسيرَ النصوصِ التأسيسيةِ التي تضمنتْها الكتبُ السماويةُ التي تؤكدُ حقيقةَ وحدةِ وهدفِ الأديانِ السماويةِ.

وبين فضيلة الأستاذ الكعبي :فبادرَ بمنهجِه العلميِّ الوسطيّ المعتدلِ إلى إبطالِ ودحضِ التصوُّرِ والاعتقادِ الخاطئ الذي أظهرَ ويُظهِرُ الدياناتِ السماويةَ على أنَّها دياناتٌ مُتنافرةٌ متصارعةٌ يُنكِرُ بعضُها بعضًا، ويُكفِّرُ بعضُها بعضًا، وهذا بدورِه انعكسَ سَلبًا على سُلوكِ ومواقفِ الناس، فأدى إلى تفشي التطرُّفِ والإرهابِ وانحسارِ السلام، وانخراطِ الكثيرِ في رَكْبِ الإلحادِ بعد أن نفَرَ من الدين.
ولدفعِ تلك المخاطرِ والمآسي، ومن أجلِ تحقيقِ السلام المفقودِ، يرى الأُستاذُ المحققُ في بحثِه الموسومِ (مقارنةُ الأديانِ بينَ التقارُبِ والتجاذُبِ والإلحاد) بأنه لابدَّ من تغييرِ هذا التصور، بل الاعتقادِ الخاطئ، من خلال دفعِ الاختلافِ المُفتعَل، والتوفيقِ بين معاني الكتبِ السماويةِ التي ظاهرُها الاختلافُ والتقريبِ بينها، واعتمادِ المشترَكاتِ والثوابت، والتمسُّكِ بالحوارِ والمُجادلةِ بالحسنى، واحترامِ حريةِ الفكرِ والعقيدةِ، ومن ثَمَّ إبرازُ وطرحُ الصورةِ الإلهيةِ للأديانِ السماويةِ ونُصوصِها التأسيسيةِ التي تدعو إلى الفكرِ والأخلاقِ والإنسانيةِ والسلامِ ونحوِها.

وأشار فضيلة الأستاذ: الى تغريداتُ الأستاذِ المعلمِ على موقعِ التواصُلِ الاجتماعيِّ (تويتر) رسالةٌ أثبتت وُحدةَ وهدفَ الأديانِ , يقولُ الأستاذُ المحققُ:
المُضافُ إلى الله: مَخلوقٌ.. مملوكٌ..مُشَرَّف… ووردت هذه الألفاظُ [أبناءُ..أهلُ..عيالُ..أحبابُ..خاصّةُ..ليسوا آلِهةً] في القرآن والسُّنةِ، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} المائدة 18
(( وقالت اليهود عزير ابنُ الله وقالتِ النصارى المسيحُ ابنُ اللهِ ))
الآية، ماذا قالت؟ إذا أنتم أبناءُ اللهِ وأحباؤه فلِمَ يعذّبُكم الأب؟! فلا يُتوَقَّعُ أن يقسُوَ الأبُ على ابنِه لأنَّ اليهودَ تعرضوا لأنواعِ العذاب, فـ(ابنُ) في الإنجيلِ لا تعني تناسُل وتكاثُر، فنقول: ابنُ العراق ابنُ البلد، ومن المُقرَّر عندَ أهلِ العلم أنَ إضافةَ مخلوقٍ إلى خالقِه ، كإضافةِ الروحِ إلى اللهِ جلَّ وعلا في قولِه : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) ، وكقولِه جل وعلا : ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) هذه الإضافة تقتضي التشريفَ لأنَ تخصيصَ بعضِ المخلوقاتِ إلى الربِّ جل وعلا معناه : أنّ هذه مخلوقاتٌ ولها شأنٌ خاصٌّ وذلك تشريفٌ لها .
وبالرّجوعِ إلى كتبِ أهلِ الكتابِ فإنّ (ابنَ) تعني الرعايةَ والمحبة، وهي وصفٌ لم يختصَّ بهِ المسيح- عليه السلامُ- بل في العهدِ القديمِ الذي يؤمن به النصارى، قال المسيح: (طوبى لصانعي السلام؛ لأنهم أبناءُ الله).
وأما عقيدةُ التثليثِ فهي مخالِفةٌ لدينِ المسيحِ- عليه السلام-؛ فلم ينطقِ المسيحُ- عليه السلامُ- بعبادةِ إلهٍ مثلثِ الأقانيم، ولم يرِدِ التثليثُ والأقانيمُ في الإنجيل . جاء في دائرةِ المعارفِ لبطرس البستاني، وهو نصراني: (لفظةُ ثالوث لا توجدُ في الكتابِ المقدّس). وكتابُ العهدِ القديمِ أثبتَ الوحدانيةَ وأبطلَ التثليثَ.
فنجدُ مثلًا في إنجيلِ يوحنا الإصحاح الثالثِ: يقولُ يوحنا: (و هذه هي الحياةُ الأبديةُ أن يعرفوك أنت الإلهُ الحقيقيُّ وحدَك و يسوعُ المسيحُ الذي أرسلتَه) , وفي النصِّ دليلٌ قاطعٌ على عبوديةِ الجميعِ للهِ وأنَّ المسيحَ مُرسَل. وفي الإصحاح التاسعَ عشَر (فتعلمُ ممالكُ الأرضِ كلُّها أنَّك أنتَ الربُّ الإلهُ وحدَك ).
وفي إنجيلِ مرقس الإصحاح الثاني عشر: (قال يسوع: إنَّ أولَ كلِّ الوصايا هي: اسمعْ يا إسرائيلُ، الربُّ إلهُنا ربٌّ واحدٌ). فهذه وصيةُ المسيحِ وبيَّنَ أنها أولُ الوصايا وأعظمُها، ولو كان يقولُ بالتثليثِ لوجبَ عليه أن ينصَّ عليه.
فمن يريدُ أن يُناقِشَ المسيحيةَ، أيَّ مسيحيةٍ يناقش؟ فكما نسألُ مَن يُثيرُ الشبُهاتِ على الإسلامِ، ومَن يدعو إلى الإلحادِ أو الشيوعيةِ نسألُه: أيَّ إسلامٍ تناقش؟ تريد أن تناقشَ الإسلامَ بقراءةِ ابنِ عربي؟ أو تناقشَ الإسلامَ بقراءةِ ابنِ تيمية؟ أو تناقشَ الإسلامَ بقراءةِ التقوى والوسطيةِ ورفضِ السبِّ الفاحشِ والتكفيرِ ؟
فيجبُ أن يُفسَّرَ كلامُ المسيحِ في الإنجيل على التوحيدِ، فمعنى قولِ عيسى: (أنا وأبي واحدٌ) مثلُ قولِ المولى* مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ * ، ومثلُ قولِ اللهِ عزَّ وجلّ:* إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّه * ومنه الحديثُ القدسيُّ الذي يقول: (عبدي أطَعْني تكن مَثَلَي، تقلْ للشيءِ فيكن)