بيان رقم – 5 – الصمت وخيانة الأمة

بــيـــــان رقم – 5 – الــصــمـــت وخــــيـــانـــة الأمـــــة

قال الله العلي القدير : (( أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تـُبـْتُمْ فَـهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتـُمْ فَاعْلَمُوا أَنـَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )) التوبة /3

((وَاشْهَدُوا أَنِـّي بَرِيءٌ مِمَّا تـُشْرِكُونَ)) هود / 54

(( فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنـِّي بَرِيءٌ مِمَّا تـَعْمَـلُونَ )) الشعراء / 216

بعد الاطمئنان بمظلومية المئات بل آلآلاف من الناس السنة والشيعة والعرب والكرد والتركمان ، فإننا وبإسم الحوزة العلمية الجماهيرية المقدسة وبإسم كل شريف منصف في العالم نُعلن براءتنا أمَامَ الله تعالى ورسوله الكريم وآله الطاهرين واصحابه المبجّلين ومهدي الامّة المنتظر (عليهم الصلاة والسلام والتكريم) وأمَامَ الشرع والأخلاق والتاريخ من العمل المشين الظالم الذي صدر ويصدر من المسؤولين بقطع أرزاق مئات العوائل العراقية المؤمنة الصابرة المحتسبة ، وبهذه المناسبة نلفت الجميع الى ما حصل في كربلاء على سبيل المثال, ونشير إلى بعض النقاط : – 

1– إننا وبكل تأكيد نرفض الحالات السيئة المنحرفة المرصودة قرب الحرمين المقدسين في كربلاء وما بينهما ، ونعمل بجد وبالتعاون مع الجميع من أجل إزالتها وبكافة الوسائل المتاحة الممكنة .

2 – من المؤكدّ جداً أن تلك الحالات السيئة تمثل نسبة محدودة وضئيلة بالمقارنة مع الحالات الإنسانية المشروعة المتمثلة في كسب عيش المؤمنين وعوائلهم بما يرضي الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبما فيه الحفاظ على كرامة وشرف الإنسان المؤمن الغيور .

3 – إن العقل والشرع والأخلاق ، والإنسانية بصورة عامة لا ترضى بقطع مصدر الرزق والعيش لآلاف المؤمنين بدعوى علاج الحالات السيئة الصادرة من بعض النفر الضال.

4 – من البديهي عند الجميع أن من يقدر على الكل فإنه يقدر على الجزء ففي الظاهر إن المسؤولين في المحافظة قد منعوا الجميع من كسب الرزق والعيش ، فهم بالتأكيد وحسب الظاهر قادرون على منع الجزء والبعض المتمثل بذلك النفر الضال!!

ويبقى السؤال :- لماذا فعل المسؤولون فعلتهم تلك وأثاروا ضجة وزوبعة لا مبرر لها ؟!!!

5 – نسأل المسؤولين في كربلاء ، إذا كانت الغيرة والحمية عندكم على الإمام الحسين (عليه السلام) وحرمه المقدس بهذه الدرجة العالية القصوى فلماذا لم يصدر منكم أي رد فعل تـجاه الأمريكان الصهاينة وعملائهم وانتهاكهم لحرمة الحرم الحسيني المقدس وزهق الأرواح وسفك الدماء فيه وكذلك في أرض كربلاء قرب المحافظة مقر المحتلّين وأعوانهم عندما تظاهر واحتج المظلومون الأحرار على نهج الحسين(عليه السلام) ضد الأمريكان المحتلّين المنتهكين لحرمة العتبات المقدسة في كربلاء وحرمة الأرواح المؤمنة الآمنة .

6 – ألـمْ يفكّر المسؤولون في كربلاء ، في تلك العوائل الصابرة المؤمنة المعدومة المحرومة وفي انحرافهم الفكري والعاطفي والسلوكي بكل مفرداته من الفسق والفجور والسرقة والعمالة وغيرها نتيجة ذلك العمل القبيح في قطع أرزاقهم.

7 – أما شعاركم بالمعنى { بأنكم تعملون ذلك طاعة وإرضاءً لله تعالى وحباً للحسين(عليه السلام) وصيانة لكرامته ومبادئه وحرمته} فإنها كلمة حق يراد بها باطل ، لأن الله تعالى لا يُعْبَد من حيث يُعْصى ، وإن الإمام الحسين (عليه السلام) قد صرَّحَ بأنه خرجَ من أجل الإصلاح في أمة جده وضحى بكل شيء من جاه ومال وعيال من أجل إصلاح الأمة ، فهل يرضى الإمام الحسين (عليه السلام) بقطع أرزاق العراقيين المؤمنين والتسبب في إنحرافهم الفكري والسلوكي؟! فأين الإصلاح يا قوم ؟! وأين مبادئ الحسين(عليه السلام) ؟! .

8 – الواجب الشرعي والأخلاقي و التأريخي يلزم المسؤولين في كربلاء (وكذلك في كافة المدن العراقية):-

أولاً : الإعتراف بالخطأ وتقديم الإعتذار إلى الله تعالى وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) والاولياء الصالحين والمؤمنين والناس أجمعين على الذلّة والتخلف والخذلان عن الانتصار للحسين (عليه السلام) ولحرمه المقدس ولأرواح الشهداء ودماء الأبرياء التي وقعت بأيدي المحتلين وأعوانهم الظالمين.

ثانياً : بدلاً من قطع أرزاق الناس المؤمنين الضعفاء ، عليكم مطالبة قوّات الاحتلال إذا لم يكن الانسحاب فليكن (على الأقل) إيصال المبالغ المالية إلى أبناء الشعب العراقي المستوفاة من مبيعات النفط العراقي وباقي خيراته ، أو توفير فرص العمل ( من بلدنا وفي بلدنا ومن أموالنا وفي أموالنا ) وتحقيق أسباب العيش الكريم ، وعندها سينتـفي تواجد الباعة المتجولين وغيرهم وتكدّسهم في الأماكن المقدّسة وغيرها.

ثالثاً : مطالبة قوّات الاحتلال بتوفير أبسط وسائل المعيشة المتوفرة في جميع بلدان العالم حتى البلدان الفقيرة منها ، فبدلاً من شرعنة وتبرير أعمال الأمريكان وأعوانهم في الاحتلال وفي الاعتداء على المقدسات والأرواح عليكم بمطالبتهم بتوفير (الماء – الكهرباء – وسائل الاتصال – وسائط النقل – المستلزمات الصحية من أجهزة وأدوية – الغاز – النفط – البنزين – الكاز – الصحة والأمان وغيرها … ) .

9 – مع عدم تطبيق ما ورد في النقطة السابقة فإنكم تسجلوّن وتثبتون على أنفسكم فِعْلَكُم القبيح بقَطْعِ الأرزاق وعمَل تلك الضجّة والزوبعة وهو امتثال وتطبيق لدرْس وأمْرٍ أمريكي في خلط الأوراق وإبعاد الناس عن محور قضية رئيسية إلى قضية أخرى ثانوية فالقضية الرئيسية هو إنتهاك حرمة المقدسات والأرواح في كربلاء كما في باقي أنحاء العراق ، وأراد مسؤولو كربلاء بهذا الفعل القبيح تحويل أفكار وأنظار الناس إلى قضية ثانوية وإليك تسلسل الأحداث:-

الأول: حصل انتهاك أميركي لحرمة المقدسات والأرواح في كربلاء .

الثاني : تصدّي المؤمنين الشرفاء النبلاء لذلك الاعتداء الأمريكي الوحشي على المقدسات فسقط على الأقل شهيد والعديد من الجرحى.

الثالث : في صبيحة اليوم التالي خرج العراقيون الأحرار بتظاهرة إحتجاجية إلى مقر القوّات الأمريكية وعملائها ، فتعرّض المتظاهرون إلى إطلاق النار والضرب بالعصي وغيرها ، وقد سقط جراء ذلك على الأقل شهيد وعدد من الجرحى .

الرابع : للسيطرة على الموقف وتمييع القضية والحدث، أوعزَ الأمريكان توجيهاً وأمراً إلى المسؤولين في كربلاء بصرف أنظار وأفكار الناس عن القضية المقدّسة إلى القضية الثانوية .

الخامس : طبّق المسؤولون دروس وتوجيهات وأوامر أسيادهم وأساتذتهم الأمريكان على أحسن وجه ، فكذّبوا وخدعوا الناس بأن الذي حصل هو من أجل ملاحقة العصابات والمتجاوزين على حرمة المقدّسات !!! أو أن الذي حصل (من إطلاق نار وقتل وسفك دماء) لم يصدر من الأمريكان أصلا ً بل صدر من بعض العاصين والمنحرفين والباعة المتجولين ( وقد بينا التفصيل في البيان السابق بيان – 3 – ) .

السادس : والأسف كل الأسف على الناس بالخصوص (أهالي كربلاء) ، فمعظمهم قد صدّق تلك الكذبة وبدأ يحكي بها وينشرها وكأنها حقيقة واقعة ، يا للأسف على قوم عاشوا الأحداث بحقيقتها ويصدّقون المخادعين الكاذبين ممن يغيّر الحقيقة ويزيّفها .

السابع : تطبيقاً للواجب الشرعي والأخلاقي والتأريخي ، بادرت الحوزة العلمية الجماهيرية المجاهدة في كربلاء للدعوة إلى مسيرة جماهيرية حسينية ، تشجب فيها الاعتداءات الأمريكية الوحشية ضد العتبات المقدسة والأرواح العراقية المطهرة فيكون فيها إحياءً للحق وانتصاراً للحسين (عليه السلام) وأنصاره على قدر المستطاع بما يناسب الظروف المحيطة والمرحلة العامة .

الثامن : بأمر من الأسياد الأمريكان انتفض المسؤولون في كربلاء ضد المسيرة والدعوى لها فعقدت اجتماعات وندوات من أجل منعها وإفشالها {وكما فصلنا في البيان ( 3 ) السابق } .

التاسع : شاءت الإرادة الإلهية والقدرة والإرادة الجماهيرية أن تنتصر مسيرة المبادئ الحسينية والحرمات القدسية والأرواح الزكية على وسائل المنع والدفع للمسؤولين في كربلاء وأسيادهم في البيت الأبيض ومبادئهم المنحرفة الدنيوية

العاشر : التحق الآلاف من عشّاق الحسين (عليه السلام) وأحباب وأنصار الحق وأئمة الحق ممن لا يحتاج أحدهم إلى علم أخيه في معرفة الحق وأهله ، والتحقوا بالمسيرة المقدسة بثوبها الطاهر وهي تحمل الرعب بين يديها ، فأرهبت وأرعبت وأحيت القضية من جديد في الأنظار والأفكار والنفوس .

الحادي عشر : نفس التوجيه والأمر الأمريكي من جديد ونفس المسؤولين في كربلاء يطبّقون وينفّذون لصرف الأنظار والأفكار عن القضية المحياة من جديد ودائماً وأبداً رفض الفساد والاحتلال والمحتلّين باحياء قضية الحسين (عليه السلام) وحرَمه المقدس وأرواح أنصاره المؤمنين ، إلى قضية ثانوية ، فأحدث المسؤولون في كربلاء تلك الضجّة والزوبعة خدمة للأمريكان وتـحقيقـاً لأهدافهم وأغراضهم المنحرفة .

10 – الكلام السابق لا يخصّ المقصودين في كربلاء فقط بل نُوَجِّه من خلالهم الكلام كلّه إلى الجميع من مسؤولين في المدن العراقية ومن حوزات علمية في النجف وإيران وسوريا ولبنان والهند والباكستان والخليج وغيرها وإلى أئمة المساجد وأئمة الجمع ورجال الدين من السنة والشيعة والمكاتب الدينية والأحزاب الإسلامية والعلمانية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة وإلى المجتمع بكافة طبقاته وفئاته.

11 – وفي هذا المقام ندعو الجميع ومنهم الباعة المتجولين المؤمنين الشرفاء إلى تشخيص الحالات السيئة والتعاون قدر المستطاع لمعالجتها وإزالتها حتى لا نسمح للآخرين باستغلال مثل هذه الحالات السيئة الشاذة لتحقيق أغراض شخصية دنيوية بعيدة عن الدين والأخلاق.

ورد عـن المعـصومين(عليهم السلام)((إن أعظم الخيانة خيانة الأمة))

اللهم اجعلنا من السائرين والثابتين على نهج الحق والممهدين للحق وأئمته الصالحين ونصرة دين جدِّهم المختار (عليهم افضل الصلاة وأتمِّ وأكرم السلام) .

والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين

الحوزة العلمية الجماهيرية /كـربـلاء الـمـقدسـة

13/ جمادي الثاني /1424 هـ

12 / 8 / 2003م