خطيب جمعة المعقل ثورةَ الإمام الحسين (عليه السلام) ثورةً مستديمةً ضد الباطل والانحراف والظلمِ والوحشيةِ والتعسفِ والانحلال

المركز الإعلامي – إعلام المعقل

أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد الصديقة الطاهرة (عليها السلام) بإمامة الخطيب الشيخ صادق المندلاوي (دام عزه) وذلك في يوم الجمعة 22 / 9 / 2017 م الموافق له الأول من محرم الحرام 1439 هـ ، وتتطرق الخطيب الشيخ المندلاوي في الخطبة الأولى الى ذكرى واقعة الطف أليمة واقعة عاشوراء واقعة أستشهاد أبي الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) ، وفي ذكرى عاشوراء الحسين (عليه السلام) ذكرى انتصار الدم علي السيف ، والألم لذكرى تلك الدماءِ النقيةِ الطاهرةِ التي ما ارتوت هذه الأرض بأطهر منها ، والعزة بذلك الشمم العالي الذي ما شهدت هذه الأرضُ مثله ، وانهما لمزيجٌ مقدس ، تطهرُ به الأرواحُ وتُزكّى وتسمو به الإنسانيةُ إلى السماواتِ العلى فتنطوي الصفحاتُ وتدور رحى القرون وتندرجُ الأيام الى غابر الزمن لتُسجلَ على جبين التأريخ مواقفٌ هزت ضميرَهُ وترسخت في ثناياه ، فلا يمكنهُ نُكرانها بالتناسي أو جحودها بالتغاضي ، فهل يجرؤ التأريخ أن يشطبَ على ثورة الحسين (عليه السلام) الضميريةَ المتجددةَ والمتجذرةَ في عمقِ الرؤيةِ الكونيةِ وأحشاء القلوب الإيمانية؟
إذ أن ثورةَ الإمام الحسين (عليه السلام) لم تكن ثورةً يحكمُها عاملُ الزمنِ أو يتدخلُ في كينونتها عنصرُ الوقت، بل كانت ثورةً امتداديةً استمراريةً حيويةً نابضةً بقلب الضميرِ البشري لتشبعَهُ روحاً رافضةً وثورةً مستديمةً ضد الباطل والانحراف والظلمِ والوحشيةِ والتعسفِ والانحلال فهي ثورةُ إنسان على كلِ ما يُعيقُ حركتَهُ ويسعى لسلبِ إنسانيتهِ وحقوقهِ وكراماته ، ولذا كان من الضروري ، امتدادُ هذه الثورةِ مادامت الدنيا باقية ، ومادام يتقابلُ جيشا الحقِ والباطل والهدايةِ والضلالة ، وهذا هو سرّ تأكيد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وآلهِ الكرام المسلمين على إحياءِ ذكرى عاشوراء طول الدهر ، فنجد أن الإسلامَ مدَّ من مفهوم الثورةِ الحسينية في هذا الشعار السائد وهو: (كل يومٍ عاشوراء ، وكل أرضٍ كربلاء) ومنه وعليه يمكننا أن ندركَ معنى أحياءِ الشعيرةِ غيرِ المقتصرة وغيرِ المنطويةِ على إثارةِ العزاء فحسب دونما تحليلِ فلسفةِ الشعارِ وعمقِ الغايةِ وجليلِ الهدف الذي انطلق الحسينُ (عليه السلام) منها وراح يعطي الغالي والنفيس من أجلِ تحقيقِ قولُهُ سبحانه : (ومن يعظمُ شعائرَ اللهِ فإنها من تقوى القلوب) ، وعلى ضوء ذلك لا يمكننا أن نفهمَ معنى الإيمانِ بثورة الإمام الحسين (عليه السلام) إلّا من حيث امتلاء تلك النفس بروح العزة والشموخِ والكرامةِ والتصاقها بمفهوم الحميةِ والإباءِ وخلعِ ثوبِ المذلةِ وإيثارِ مصارعِ الكرامِ على طاعةِ اللئام وهذا ما نستوحيه من قوله (عليه السلام) : ( ألا أن الدعي ابنَ الدعي قد ركزَ بين اثنتين بين السلةِ والذلةِ وهيهات منّا الذلّة يأبى اللهُ لنا ذلك ورسولُهُ والمؤمنون ، وجدود طابت وحجور طهرت ، وأنوفٌ حمية ، ونفوسٌ أبية ، أبت ان تؤثرَ طاعةَ اللئامِ على مصارعِ الكرام)….
فيما تتطرق الشيخ المندلاوي في خطبته الثانية إلى مبادى وأهداف الرسالة المحمدية الاصيلة والتي هي رسالة عالمية فقد كان (صلى الله عليه واله وسلم) رسولا ورحمة وبشيراً ونذيراً لكل الناس ولكل البشرية ، كما قال تعالى : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) وكان امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام) نفس النبي ووزيره ووصيه وكانت امامته امتداد للرسالة المحمدية على جميع الناس فقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (عليه السلام): (يا علي انت وصيي ووارثي وابو ولدي وزوج ابنتي ، امرك امري ، ونهيك نهيي اقسم بالله الذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية ، انك لحجة الله على خلقه ، وامينه على سره وخليفة الله على عباده … وما كان للنبي ولأمير المؤمنين (صلوات الله عليهم اجمعين) يكون لباقي المعصومين (عليهم السلام) وان امامتهم على كل الناس وعلى كل البشر حتى يتحقق اليوم الموعود ويظهر الله دينه على الدين كله عند قيام الدولة العادلة على يد صاحب العصر والزمان الحجة ابن الحسن (عجل الله فرجه الشريف) ومن هذا المنطلق وعلى هذا المنهج سار الاستاذ المرجع المحقق (دام ظله) على خط المعصومين (عليهم السلام) وعلى نهجهم في الدعوة للإسلام المحمدي الاصيل حيث قال سماحته : انا اريد أن اهيئ قلوبكم للإسلام الحقيقي ، انا معكم نريد ان نتهيأ للإسلام الحقيقي ، نتهيأ لان نكون من اهل الانسانية ، من اهل الاخلاق ، من اهل الإسلام الحقيقي . ودعا سماحته الى اتباع الدليل العلمي والعقلي في السلوك والاعتقاد والمنهج . وان العلم هو المقياس وهو النبراس في المفاضلة ، فتصدى سماحته للكثير من الانحرافات والعقائد الفاسدة الموجودة في المجتمع الإسلامي ومنها الانحراف العقائدي والاخلاقي عند الفكر الداعشي التكفيري وان المنهج التكفيري هو السبب الرئيسي في ايجاد الخلافات والنزاعات حتى يحصل التناطح والتحارب والاقتتال بين ابناء المجتمع الواحد ، فخلطت الاوراق على الناس فنشأت فضائيات السب والشتم والطائفية والقتل على الهوية وولدت داعش التكفيرية وتحولت البلاد الإسلامية الى ساحة للصراع وتصفية الحسابات ونهب الثروات وشرد ملايين الناس وقتل مئات الالف من الابرياء وساد الجهل والظلم والفساد والافساد ، وللتقليل وللحد من هذه المأساة الكارثية تصدى سماحة المرجع المحقق (دام ظله) لكشف قبح وفساد الفكر التكفيري الداعشي حيث بين ان افكار التكفيريين بانها اسطح من السطحية وانها سقيمة وميتة وضحلة وان من الاثار المدمرة للفكر التكفيري الداعشي انهم حملوا لواء التكفير ولواء البراءة ، لواء الولاء ورتبوا عليه العقوبات والتعزيرات والحدود والقتل والتهجير وكل ما يرتبط بهذه الإجراءات العنيفة الشديدة التعسفية الإرهابية .

ركعتا صلاة الجمعة المباركة