خطيب جمعة المعقل إن الثورة الحسينية وواقعة الطف عاشت حية في ضمير الأنبياء والمرسلين وملائكة الله الصالحين




المركز الإعلامي – إعلام المعقل

أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد الصديقة الطاهرة (عليها السلام) بإمامة الخطيب الشيخ صادق المندلاوي (دام عزه) وذلك في يوم الجمعة السادس من تشرين الأول 2017 م الموافق له 15 / محرم الحرام / 1439 هـ ، وتتطرق الخطيب الشيخ المندلاوي في الخطبة الأولى الى مشروعية البكاء ودور الثورة الحسينية في احياء الأمة معتمدين على فكر المرجع المحقق (دام ظله) فالبكاء والحزن على الميت وعند المصائب سيرة عقلائية ومتشرعية عمل بها الأنبياء والأئمة والصالحون (صلوات الله عليهم أجمعين) وقد ثبت في الخارج الثمار الصحية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية المترتبة على البكاء وتشير الروايات إلى استحباب الحزن والبكاء والتباكي وان فيه اجر شهيد بل مئة شهيد كما في بكاء يعقوب على يوسف (عليهما السلام) ، ولا يخفى ان المراد في المقام ليس الجزع على المصائب بل البكاء والحزن لله وفي الله وبالله تعالى ، وهناك ما يشهد لهذا المعنى : إذ ثبت أن آدم (عليه السلام) بكى وحزن على هابيل (عليه السلام) فعن الإمام زين العابدين (عليه السلام) : (انه لما سولت لقابيل نفسه قتل أخيه …. فلما قتله …. فحفر له حفيرة ودفنه فيها ، فرجع قابيل لأبيه (عليه السلام) …. فانصرف آدم (عليه السلام) وبكى على هابيل أربعين يوماً وليلة) وكذلك يعقوب النبي (عليه السلام) حزن وبكى وبالرغم من ان الروايات تشير إلى ان يعقوب (عليه السلام) يعلم بوجود يوسف على قيد الحياة لكنه (عليه السلام) لم يتحمل فراقه وحزنه عليه وبكى لمدة عشرين أو أربعين أو ثمانين عاماً حتى التقى به ، وقد أشار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان بكاء يعقوب (عليه السلام) على ابنه له فيه اجر مئة شهيد ، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) عندما سئل عن يعقوب (عليه السلام) هل كان يعلم بحياة يوسف وذهب عينيه عليه من البكاء ، أجاب (عليه السلام) : نعم علم يعقوب (عليه السلام) انه حي ….
فيما تتطرق الشيخ المندلاوي في خطبته الثانية إلى استذكار الأنبياء والرسل لواقعة الطف الأليمة وأقامت لمجالس العزاء والحزن لما جرى على الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته مع تعظيم الثورة الحسينية وواقعة الطف التي عاشت حية في ضمير الأنبياء والمرسلين وملائكة الله الصالحين وهذا خير دليل وأوضحه على أهمية الثورة الحسينية المقدسة ومحوريتها في النظام العالمي والكوني وعمقها الفكري والنفسي لتهيئة البشرية بل المخلوقات جميعاً لتقبل فضل الله تعالى ونعمه بتحقيق العدالة الإلهية والانتصار للمستضعفين على يد قائم آل محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) في دولة الحق الموعودة ، فنبي الله نوح (عليه السلام) يتبرك ويتشرف ويحافظ على سفينته المباركة سفينة النجاة والإيمان بحمل أسماء وأنوار المعصومين (عليهم السلام) على المسامير التي وضعت في مقدمة سفينته (عليه السلام) وعندما يريد تعليق المسمار الخاص بالإمام الحسين (عليه السلام) فإنه يشعر بنداوته فيستفهم من جبرائيل (عليه السلام) عن هذه النداوة فيخبره جبرائيل (عليه السلام) بواقعة الطف وما يجري فيها على الحسين (عليه السلام) وان النداوة تشير إلى سفك دماء سيد الشهداء عليه السلام ، وإبراهيم الخليل (عليه السلام) عندما عقد العزم على السير والسلوك إلى اقرب الدرجات من الحضرة الإلهية المقدسة ، تمنى ان يقدم اعز قربان إلى الله تعالى حتى يرتقي في السلم القدسي ، فاستجاب الله تعالى دعوته وأمنيته فأبدل التضحية والذبح لابنه إسماعيل الذبيح (عليه السلام) بتضحية وذبح أعظم واكبر وأكثر حزناً وألماً الذي يحصل في طف كربلاء حيث يذبح الإمام الحسين (عليه السلام) فيغتم إبراهيم (عليه السلام) ويحزن حزناً شديداً على هذا المصاب الجلل لان صاحب المصاب (عليه السلام) أفضل وأحب إليه من ابنه إسماعيل الذبيح (عليه السلام) ، وبهذا يثبت ان الثورة الحسينية تعيش في واقع الحياة ووجدان المجتمع ونفوس وقلوب الأنبياء والصالحين (عليهم السلام) منذ بدأ الخليقة ، وعندما التقى موسى (عليه السلام) مع الخضر (عليه السلام) وفي حالة طلب العلم ومعرفة الأعلم بصورة مطلقة أو في بعض الحالات ، فإنهما يستذكران المصائب التي تقع على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) فيبكيان كثيراً على تلك المصائب ، وهذا الفعل واضح في كشف العمق والبعد والمركزية في قضية أهل البيت والحسين (عليه السلام) بصورة خاصة حيث ثبت ان الخضر (عليه السلام) سيظهر مع صاحب العصر والزمان (عليه السلام) وهو ينادي بشعار (يا لثارات الحسين) ، وفي هذا الفعل دليل مشروعية المجالس الحسينية مع الأخذ بنظر الاعتبار ان المجلس عقد قبل ولادة الحسين (عليه السلام) وقد أقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مجالس العزاء الحسيني فقد تضافرت الروايات السنية والشيعية على ان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عقد مجالس عديدة ذكر فيها الحسين (عليه السلام) وما يلاقيه في طف كربلاء ، وقد بكى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبكى الصحابة معه ، فالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا ينطق عن الهوى والذي لا يحب إلا في الله وبالله ولله يعقد المجالس الحسينية ، قبل وفاة الحسين(عليه السلام) ولترسيخ الثورة الحسينية واهدافها في أذهان الناس وقلوبهم ولشحذ المخلصين وتأسيس الاستعدادات الروحية والجسدية وتحقيق التكاملات الفكرية والعاطفية والسلوكية ، ولتهيئة القواعد والشرائح الاجتماعية التي تحتضن أطروحة الأخذ بالثأر والمحقق للعدل (عليه السلام) والانتصار له (عليه السلام) والثبات على ذلك ، تصدى الأئمة المعصومون (عليهم السلام) لتربية الأجيال وتحقيق الأهداف ، وقد جعلوا المنبر الحسيني الوسيلة الرئيسية في تلك التربية الرسالية الإلهية ، فقد عقدوا المجالس وارشدوا الناس إلى ما يترتب عليها من آثار في الدنيا والآخرة .






ركعتا صلاة الجمعة المباركة