خطيب جمعة الصالحية : أنَّ الإمام الصادق (عليه السلام) هو صاحب المقام العلميِّ الرفيع ، الذي لا ينازعه فيه أحد




المركز الإعلامي _ إعلام الصالحية


أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد وحسينية الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) بإمامة الشيخ هادي الركابي( وفقه الله) بتاريخ 22 من شهر شوال 1439هجرية الموافق السادس من شهر تموز 2018ميلادية.


وتحدث الركابي ستمر علينا في هذا الاسبوع في الخامس والعشرين من شوال ذكرى شهادة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام )فلابد ان ناخذ العظة والعبرة من بعض جوانب حياته الشريف ونغترف غرفة من هذا البحر الزاخر المتلاطم فقد شهد القاصي والداني ، والمُؤالف والمخالف ، أنَّ الإمام الصادق ( عليه السلام ) هو صاحب المقام العلميِّ الرفيع ، الذي لا ينازعه فيه أحد . حتى توافدت كلمات الثناء ، والإكبار ، والإعجاب عليه ( عليه السلام ) ، من قِبَل الحكَّام ، وأئمَّة المذاهب ، والعلماء ، والمؤرِّخين ، وأصحاب السِيَر ، وتراجم الرجال ، ما تزدحم ، فلا يجمعها كتاب .نكتفي من تلك الكلمات بإشارات يقول أبو حنيفة : ما رأيت أفقهَ مِن جعفر بن محمَّد ، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال : يا أبا حنيفة ، إنَّ الناس قد افتُتِنُوا بجعفر ، فهيِّئ له من المسائل الشِداد . فهيَّأتُ له أربعين مسألة ، فلمَّا أبصرتُ به دخلَتْني من الهيبة لجعفر ( الصادق ) ما لم يدخلني لأبي جعفر ( المنصور ) . فجعلتُ أُلقي عليه فيُجيبني فيقول : ( أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربَّما تابعناهم ، وربَّما خالفنا جميعاً ) . حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ثم قال : ( ألَسْنا رَوينا أنَّ أعلم الناس ، أعلمُهم باختلاف الناس ) ؟ . واعترف أبو جعفر المنصور ، وأقرَّ بفضله حين قال : إنَّ جعفراً كان ممَّن قال اللهُ فيه : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ، ( فاطر : 32 ). وكان ممَّن اصطفاه الله ، وكان من السابقين في الخيرات . ورغم اعترافه بفضل الإمام الصادق ( عليه السلام ) في قوله : سيِّدُ أهل البيت ، وعالِمُهم ، وبقيَّة الأخيار منهم ، إلا أنه كان يضيِّق على الإمام ( عليه السلام ) ، ويكيد له ، حتى اغتاله بعد أن قال : هذا الشجا المعترِضُ في حَلْقي مِن أعلم الناس في زمانه . وقد امتازت الفترة التي عاشها الإمام الصادق ( عليه السلام ) بأنها مرحلة نمو العلوم ، وتزاحم الثقافات المتنوِّعة . وذلك لانفتاح البلاد الإسلاميَّة على الأمم الأخرى ، ولانتشار الترجمة التي ساعدت على نقل الفلسفات الغربيَّة إلى العرب . فبدأ الغزو الفكري باتجاهاته المنحرفة ، وعاداته الهجينة ، ونشأت على أثره تيَّارات الإلحاد ، وفِرَق الكلام ، والآراء الغريبة ، والعقائد الضالَّة . وقد تطلَّبت تلك الظروف أن ينهض رجل ، عالِم ، شجاع ، يردُّ عادِيَة الضلال عن حصون الرسالة الإسلاميَّة . فكان أن قيَّض الله جلَّ وعلا وليَّه الإمام الصادق ( عليه السلام ) الذي فاضت حياته بالعطاء ، والعلوم الغزيرة المتعدِّدة ، من : الحديث ، والتفسير ، والعقيدة ، وسائر أبواب الفقه ، والشريعة . ونَقلَها ( عليه السلام ) نقلاً أميناً ، عن معارف النبوَّة المُحمَّديَّة الخاتمة ، ونقلاً نزيهاً عن منابع التشريع ، والرسالة ، حتى لُقِّب ( عليه السلام ) بـ( المحقِّق ) ، و( كاشف الحقائق ) . لأنه ( عليه السلام ) كان مَرجِعَ الأمَّة بِحَقٍّ ، وإمامَها الذي تتلمذ على يديه مئات الأعلام من الفقهاء ، والمشايخ ، بعد أن فتح لهم باب التخصص العلمي في العلوم العقلية ، والطبيعيَّة ، كالكلام ، والكيمياء ، والرياضيات ، إضافةً إلى أبواب الشريعة الإسلاميَّة . كما وضع ( عليه السلام ) القواعد الواضحة لمسائل الأصول ، والفقه ، ليُربِّي في تلامذته مَلَكةَ الاجتهاد ، والاستنباط ، كقاعدة الاستصحاب ، والبراءة ، والضمان ، والتخيير ، وغيرها . وبما أنَّ الغزو الفكري الغربي قد رافقَتْه حريَّة غير موجَّهة ، وانفتاح في إبداء الآراء ، هيَّأتهما السلطة الحاكمة . لذا أحدث ذلك الغزو ارتباكاً في عقائد المسلمين ، فجنَّد الإمام الصادق ( عليه السلام ) جهوده العلمية الهائلة لمواجهة الانحراف والتحريف ، بمواقف علميَّةٍ ، وعقائدية . وذلك كان من خلال إجابته ( عليه السلام ) على كلِّ المسائل ، وردِّ كل الشبهات ، وإفحام كلِّ التشكيكات ، والأضاليل ، وبيان كلِّ أمرٍ من أمور الدين ، والدنيا ، ممَّا يُتساءَل عنه . حتى استطاع ( عليه السلام ) بذلك الجهاد العلمي المؤيَّد برعاية الله وعنايته ، أن يوقف الزحف الضلالي على العالم الإسلامي ، ويكشف زيفه ، ويبين أباطيله . من هنا ومما تقدم نعرف كيف ان العلم الخالص يكشف حقائق وحق الشعوب فلذلك تحاول السلطات اشغال المجتمع في كل زمان تشغلهم بمعيشتهم وبنقص الخدمات والامن والامان من اجل ان لايتوجه ابناءه لطلب العلم والتفكر وتحصيل العلوم المستقاة من نهج اهل البيت عليهم السلام فلذلك نلاحظ تلك المجتمعات تمر بويلات وازمات وذلك بسبب الجهل مع الثقافات المستوردة الأخرى والتي أضرت كثيراً بثقافة البلد واهله .
وقال الركابي إخوتي أخواتي في الله: يتخذ الإنسان المؤمن صاحب الإيمان الثابت والعقيدة الراسخة وفي أشد الظروف الحالكة والمواقف الصعبة القرارات والمواقف التي يمكن من خلالها تجاوز تلك المحن وتلك الظروف وبأقل الأضرار، سواء كانت تلك الاضراردنيوية أم دينية , واضعًا في ذهنهِ أولوية الحفاظ على الإيمان والمبادئ والقيم الإسلامية، التي آمن بها وسار عليها، لذلك تجد في بعض الأحيان يكون الموت هو أقل الاختبارات أمام الإنسان المؤمن إذا ما خُيّرَ بين دينه و عقيدته، وبين الانخراط مع الظالمين والاذعان لهم , فلا ننسى موقف أبا الأحرار الإمام الحسين -عليه السلام – حينما خُيّرَ بين السِلةِ والذِلة، فقال: هيهات من الذلة، وما قاله في ساحة المعركة حينما برز للقتال وهو يرتجز ويقول: ” الموت أولى من ركوب العار، والعار أولى من دخول النار ” وهنا نريد الوقوف ولو قليلًا أمام تلك الكلمات النورانية، وخصوصًا عند كلمات (والعار أولى من دخولِ النار), فأيُ عارٍ يَقصُدهُ الإمام الحسين -عليه السلام- والذي يُفضِلْهُ على دخولِ النار؟ فأكيدًا وحاشا الإمام الحسين-عليه السلام- أن يفعلَ عارًا أو يميل اليه ، بل اكيد انه يقصد العار الذي هو بنظر تلك الناس باعتباره اختار الموت وعرض حياته وحياة عيالهِ وأصحابه للقتل والسبيِ والهزيمةِ والموت, فبقوله هذا يصف أن ذلك العار الذي تصفوننا به في هذه الدنيا هو خيرٌ لي مِنْ أن يكون سببًا في دخول النار. واليوم ومن خلال ما قاله الامام الحسين – عليه السلام – بحق نظرة الناس القاصرة ، انه نستطيع ان نقول إنّ ما يُقالُ مِن بعض الناس واستهزائهم وتطاولهم على من يقوم باللطم على طور الشور من قبل بعض الشباب في المجالس والمناسبات الحسينية ويعتبرونه عيبًا وخزيًا وعارًا، هو أمرٌ خاطئ ويجب إعادة النظر فيه!!! كون إنَّ العكس هو الصحيح تمامًا، بل أنّ الشور وسيلة مثالية لغاية سامية للحفاظ على الشباب في وقتنا الحاضر من هجمة الإلحاد والإنحرافات وكذلك الحفاظُ عليهم من الشبهات والفتن التي أصبحت كقُطَعِ الليلِ المظلم، فميول الشباب ورغبتهم في الشور لابد أنْ يُستَغَلَ بشكلٍ إيجابي ويُنظر إليه بحكمةٍ ومعرفةٍ وَوَعْي.. لذلك فإن سماحة المحقِّق الصرخي كأنما يُريِد أن يقولَ لكم: وإنْ قال القائل، واعترض المعترض، واستهزء المستهزء، رغم ما قدّمه مِن أدلة وبراهين على جواز ممارسة طورالشور، فإنّ مجالس الشورِ ستستمر, وتحقّق غاياتها الإصلاحيّة وهي درعٌ للشباب ضد رياح الفتن ومضلات الفتن وهجمة الكفر والإلحاد والانحراف الذي يؤدي بهم الى نار جهنم وبئِس المصير, فعارُكم أيها المعترضون وكما تسمونه عارًا فإنّه في آخرهٍ جسرٌ لنا في جواز جهنم، وترسيخا للايمان في قلوبنا، وتعجيلِ للظهورِ المقدّسِ..ومن يريد المراجعة فاستفتاء سماحة المرجع المحقق(دام ظله) موجود في كل مكان في الانترنت وفي مواقعه الالكترونية.