خطيب جمعة السماوة:حَرَصَتْ الشريعةُ الاسلاميةُ الغراء على ارساء القيم والاخلاقيات في النفس البشرية؛ لتسمو وتحيا حياة كريمة


المـركـزالإعـلامـي—إعـلام السـمـاوة

ارتقى منبر الجمعة الشيخ”مهند السلمي”في جامع وحسينية النبي المختار”صلى الله عليه وآله وسلم اليوم الجمعة 12ذوالحجة لعام1439ھ الموافق 24آب2018

حيث جاء فيها إن الشريعة الإسلامية الغراء حرصت على ارساء القيم والاخلاقيات في النفس البشرية؛ لتسمو وتحيا حياة كريمة, دل على ذلك الحديث النبوي المشهور: «بُعثتُ لأتمم مكارم الاَخلاق» , فالدين الاسلامي يحثُّ على الاَخلاق الحسنة ويَقومُ بتهذيب الطباع ويجعلَ ذلك تكليفاً في عنق الفرد المسلم فيُثابُ على حُسنِ خُلقهِ ويُعاقَبُ على سوءه، وجعل الاَخلاق نصف الدين، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «الخُلق الحسن نصفَ الدين، وقيل له: ما أفضل ما أعطى المرىء المسلم؟ قال: الخُلق الحسن».ومن ثم اشار السلمي قائلًا: لما كان الانسان مدنيا بالطبع فانه أحوج ما يكون الى معرفة سبل التعامل مع بني جنسه ليصل الى تحقيق اهدافه وغاياته , وعبارة كون الانسان مدنيا بالطبع هي كناية عن الاجتماع البشريّ، ومعنى هذا أنّ المنفرد من بني البشر لا يمكنه ان يحيا ويتمّ وجودُه إلّا مع أبناء جنسه، للعجز الذي يعتريه فَيَحْول ذلك دون استكمال وجوده وحياته، فهو بأمس الحاجة إلى معونة الآخرين في جميع احتياجاته ، وهذه المعونة المجتمعية قد تذلل الصعاب أمام الفرد في تحقيق غاياته واهدافه, والتي لولاها لما استطاع ان يحرك ساكنا, ولإحراز واستحصال هذه المعونة لا بدّ للفرد من اتقان مهارة التفاوض والتعامل مع الآخرين بأسلوب يؤدي الى نتيجة جامعة بين قوة الترابط الاجتماعي وتحقيق الاهداف والغايات، فمن خلال قوة الترابط الاجتماعي يكون الفرد قادرا على التعامل مع الآخرين كاعتماد مبدأ الصفح في التعامل مع الناس فهو بحدِّ ذاته تأصيل للرحمة بين الناس، وإيجاد أسس قوية للتواصل بينهم, ومن أبرز سماتها: المودة، والتقارب، والألفة.واختتم السلمي خطبته بالأشارة والتفسير لقوله سبحانه : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }؛ لتؤصل اسلوبا رصينا في التعامل مع الآخرين, وقد ذكر علماء الأخلاق والتفسير والفقه أنّ هذه الآية تعدّ من أمهات الآيات التي جمعت أُصول علم الأخلاق.وهنا تأتي أهمية الكلمات الثلاث الواردة في القرآن الكريم في قوله سبحانه: { خُذِ الْعَفْوَ }, بمعنى قبول العذر والصفح عن المخطئين والمسيئين , والأخذ بالشيء هو لزومه أو عدم تركه, فأخذ العفو هو ملازمة الستر على إساءة من أساء إليه، والإغماض عن حق الانتقام الذي يعطيه العقل الاجتماعي لبعضهم على بعض.{ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ }, أي: ما تعرفه الفطرة البشرية، أي: ما يعرفه العقل من الحسن والقبح،; لأنّ الدين الإسلامي دين الفطرة {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}, وبعبارة أخرى: تلقّى أخلاق الناس باللِّين، واللطف، والمسامحة، وغض الطرف، وحُسن التعامل, وكن ناصحاً موجهاً بالرفق واللين، حريص على دلالة الناس وهدايتهم إلى كل فضيلة والى كل خير.{ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }, وهذا مطلب عظيم في باب الاخلاق, وهو أيضاً نوع من أنواع اللّين والرفق، وفرق مابين الإعراض عن الجاهل وبين العفو عنه.\