خطيب جمعة الحيانية: عزوف الناس عن المصلح أدى الى تعرضهم لسفك الدماء والعوز والفقر والتهجير القسري


المركز الإعلامي – إعلام الحيانية

أكد فضيلة الشيخ محمد السعداوي (دام عزه) خطيب جمعة الحيانية في البصرة ،بأن واعية الإمام الحسين باقية ما بقي الدهر ولا يلفها كفن الماضي من الزمن بتغاضي أو تحجيمٍ لها ممتهن فكما تتأملون وتنادون بنصرة الحسين عليه السلام فاحذروا ثم قوا أنفسكم وأهليكم خذلان الحسين وتكرار المأساة مرة ومرة وأخرى، كما اشار الى ان عزوف الناس عن المصلح أدى الى تعرضهم لسفك الدماء والموت والعوز والفقر والأمراض والتهجير وكل سيء يتصوره الخيال وسقوطهم في الفتن واختلاط الحابل بالنابل وضياع القيم والأخلاق والإنسان، جاء ذلك خلال خطبتي صلاة الجمعة المباركة التي أقيمت في جامع الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) بإمامة فضيلة الشيخ محمد السعداوي” دام عزه” في الثاني والعشرين من شهر محرم الحرام الجاري لسنة 1439هـ الموافق 13-10-2017م وتطرق الشيخ السعداوي ” دام عزه” في الخطبة الأولى الى ذكرى وفاةِ الإمامِ الزاهدِ والعالمِ الربانيِ المجاهدِ سيدِ الساجدينَ وزينِ العابدينَ عليه وعلى آبائِهِ وأبنائِهِ المعصومينَ التسليمُ والصلوات مبيناً “هو الإمامُ الذي عاشَ أقسى مراحلِ التأريخِ وشاهدَ افجعَ المصائبِ وهي تلمُّ بأهلِ بيتهِ أبانَ الحربِ الدمويةِ التي التقمتْ خيرَ الخلقِ في مجزرةِ التأريخِ البشري- وهي واقعةُ الطفِ الكربلائية – لقد سارَ الإمامُ الرابعُ عليه السلام وفقَ ذاتِ النهجِ المحمدي العلوي حاملاً على عاتقيهِ مهمةَ نشرِ الدينِ وتحقيقِ العدالةِ كما كانَ جدُهُ الأميرُ أنموذجاً تربّعَ على صدارةِ الصُّلحاءِ والمبلغين, ولو لم يكن كذلك لما وجدنا ذكراً لذلك الظهرِ المحدودبِ الذي يتفقدُ الأراملَ والأيتامَ في أجوفةِ الليل, حاملاً على ظهرهِ الأقدسِ المعوناتِ لمَنْ لا كافلَ لَهم ولا مُعِيل, وهو مع كلِّ ذاك اعلمُ وافقهُ وأزكى وأورعُ أهلِ زمانِهِ, ولما لمحناهُ على محيَّاه غارقاً بدموعِهِ الساخنةِ تأكيداً لتفاعلِهِ مع همومِ وأوجاعِ المحرومينَ وجياعِ وفقرِ ومعاناةِ المضطهدينَ والمعذبين شافعاً كلَّ ذلك باليقينِ الثابتِ برحمةِ اللهِ وعطائِهِ الأكبر . لقد تلقينا من هذا المنهلِ المنقَّى والمنبعِ المصفَّى المدرسةَ النموذجيةَ التي تدعو للفعلِ والتطبيقِ قبلَ القولِ والتنظيرِ والى الانفعالِ الذاتي والمشاعري قبلَ التفاعلِ ورفعِ الشعارِ المزوق البراق”.وتابع السعداوي “لقد عاشَ الإمامُ السجادُ عليه السلام أربعةً وثلاثين عاماً من سني عمرهِ الشريف وهو يُصحِّحُ ما قد انحرفَ أو زالَ من نفوسِ المسلمين, لِيعيدَ ذلك الإسلامُ الذي أرادَه اللهُ عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله إلى نفوسِهِم وقلوبِهِم. فقد عمِلَ قادةُ الضلالِ والإضلالِ الناصبي الداعشي ومن والاهُم على صنعٍ انموذجٍ من الإسلامِ يتناغمُ ومصالحَهُم الدنيئةَ ليعتاشوا من خلالِهِ على استعبادِ المسلمينَ وتغريبِهِم عن النهج القويم,حتى وصل الحال بهم انهم يعتبرون يزيد من الائمة ومن الحكام الذين يجب طاعتهم”.
وفي الخطبة الثانية تحدث الخطيب حول معاناة ومحنة المصلحين موضحاً “يشوب الكثير من المصطلحات والمفاهيم القيمية تهافت يمتزج بتضارب المعاني في ذهنية ذوي الأفهام السطحية والعقول الظاهرية, ما ينتج عن خلط ولبس في المنظومة الفكرية ينعكس تباعاً على الممارسات والطقوس المجتمعية وحاصل ذاك كله : تشييد البنى والأسس العوجاء وهنا تظهر معاناة ومحنة المصلحين ، اضف الى ذلك الجهل والتجهيل المستمر للمجتمعات فإن الله وحده يعلم ما يمر به المصلح من وحشة وغربة وعزلة وازدراء وأخطار و صعوبات من المجتمعات التي يسعى لإنقاذها ، و مصيبة أخرى تبرز لنا في المجتمعات فإنها تسير وتتبع من يأخذها إلى الهاوية وترفض وتعادي من يريد لها النجاة ، ولهذا كانت غربة المصلحين وآهاتهم وشجونهم وأحزانهم” .واضاف”وكانت نتيجة عزوف الناس عن المصلح تعرضهم لسفك الدماء والموت والعوز والفقر والأمراض والتهجير وكل سيء يتصوره الخيال وسقوطهم في الفتن واختلاط الحابل بالنابل وضياع القيم والأخلاق والإنسان فمتى تعود الأمة إلى رشدها ؟ ألم تكتفي الشعوب بهذه السياط وهذه الآلام وهذه الامتحانات لتنجح وتعود لوعيها”.وختم حديثه بقوله”لو كانت الأمة على اجتماع من القلوب لمؤازرة ونصرة الخليفة والإمام الشرعي لما حدثت هذه المجزرة بالحسين وعياله وأصحابه النجباء بل إن خيانة من صاحب وأدعى مصاحبة ومتابعة ومكاتبة الحسين عليه السلام هي التي أسست أساس الظلم وجعلت هذا التمادي من يزيد الفظ الغليظ يزداد ويستفحل ليصل الى التمثيل بأجساد ورؤوس آل البيت عليهم السلام وعلى مرأى ومسمع الأمة, فأين حلت الصحبة؟ وأين هم الأصحاب ورأس أبن بنت رسول الله يطاف به مع سبايا من صفوة النسوة والأطفال من بلاد الى بلاد ومن حي الى حي ومن مصر الى مصر والغريب أن غالبية الأمصار والأحياء التي مر بها السبي المنتهك كانوا من المسلمين بل ومن دعاة الصحبة .! عجباً ولا عجب .! لقوم لا ضمير لهم ولا ناموس .! عجباً لصاحبٍ يرى هذا الصنيع بصاحبه أو يسمع به فلا يموت أسفاً ! أن الحسين وواعيته باقية ما بقي الدهر ولا يلفها كفن الماضي من الزمن بتغاضي أو تحجيمٍ لها ممتهن.. فكما تتأملون وتنادون بنصرة الحسين عليه السلام فاحذروا ثم قوا أنفسكم وأهليكم خذلان الحسين وتكرار المأساة مرة ومرة وأخرى. فكثيرُ منا من يدعي صحبة ومصاحبة الجهة وأنه منها وأليها وفيها ومن أنصارها وأحبابها ولكن وأسفي لما بعد هذه ال لكن.. أن الكثير الكثير يحتاج الى أعادة تنظيم وبناء وهيكلة فكرية وروحية وخلقية من جميع الأبواب ومختلف المجالات, فذاك الذي لازال يعيش في الأنا ومع الأنا والى الأنا حيث النزاعات والنزعات النفسية والأمراض الأخلاقية, فليعلم وليفهم أنه ليس من الجهة ولا الى الجهة ولا في الجهة بل هو ذاك الذي استسلم للشيطان الرجيم ولمرض التكبر والتعالي أو الغرور والعجب أو الحسد أو الضغائن والأحقاد”/أنتهى.