بيان رقم (69): (محطات في مسير كربلاء)

بيان رقم (69): (محطات في مسير كربلاء)

بيان رقم – 69 –

(( محطات في مسير كربلاء ))

(بسم الله الرحمن الرحيم

سبحانَكَ اللّهمَّ والعظمةُ رداؤُك، سبحانكَ اللّهمَّ والكبرياءُ سلطانُك، سبحانكَ من عظيم ما أَعظمك.

اللهم صلِّ على محمّدٍ أَمينكَ على وحْيك، ونَجيبكَ من خَلْقكَ، وصفيّك من عبادِكَ، وخاتمِ أنبيائِك ورسلك، وعلى آل بيته الأئمة النجباء المطهّرين وسلِّم تسليمًا كثيرًا.

السلام على الحسين وعلى جدّه وأبيه وأمه وأخيه وولده والمستشهدين بين يديه (عليهم الصلاة والسلام أجمعين).

في أيام عاشوراء محرم وصفر الحزن والألم والمصاب بالرسول الأمين والحسن والحسين السبطين وزين العابدين والرضا في أرض طوس الغريب المدفون (عليهم وعلى آل بيتهم الصلاة والسلام والتكريم)،

نذكر بعض ما يلزم أنْ يكون حاضرًا وشاخصًا لنا في كل مقام ومقال كي نكون صادقين في حب الحسين عليه السلام وموالاته، وإلّا ففي النفاق ومع المنافقين والعياذ بالله، ونذكر هنا أربع محطات:

المحطة الأولى:

قال الإمام الحسين (عليه السلام ): إنّي لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا وإنما خرجت لطلب الإِصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين.

والآن لنسأل أنفسنا: هل نحن حسينيون؟ هل نحن محمّديون؟ هل نحن مسلمون رساليون؟

ولنسأل أنفسنا : هل نحن في جهل وظلام وغرور وغباء وضلال؟ أو نحن في وعي وفطنة وذكاء وعلم ونور وهداية وإيمان؟ إذن لنكن صادقين في نيل رضا الإله رب العالمين وجنة النعيم، ولنكن صادقين في حب الحسين وجدّه الأمين (عليهما وآلهما الصلاة والسلام والتكريم) بالاتّباع والعمل وفق وطبق الغاية والهدف الذي خرج لتحقيقه الحسين (عليه السلام) وضحّى من أجله بصَحبه وعِياله ونفسه، إنه الإصلاح، الإصلاح في أمة جدِّ الحسين الرسول الكريم (عليه وآله الصلاة والسلام).

وهنا لا بدّ من أنْ نتوجّه لأنفسنا بالسؤال: هل أنّنا جعلنا الشعائر الحسينية، المواكب والمجالس والمحاضرات واللطم والزنجيل والتطبير والمشي والمسير إلى كربلاء والمقدسات، هل جعلنا ذلك ومارسناه وطبّقناه على نحو العادة والعادة فقط وليس لأنه عبادة وتعظيم لشعائر الله تعالى وتحصين الفكر والنفس من الانحراف والوقوع في الفساد والإفساد فلا نكون في إصلاح ولا من أهل الصلاح والإصلاح، فلا نكون مع الحسين الشهيد ولا مع جدّه الصادق الأمين (عليهما الصلاة والسلام).

إذن لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نثبت فيها ومنها وعليها صدقًا وعدلًا الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين عليه السلام ورسالته ورسالة جدّه الصادق الأمين عليه وعلى آله الصلاة والسلام في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في إيجاد الصلاح والإصلاح ونزول رحمة الله ونِعَمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار.

المحطة الثانية:

ولنسأل أنفسنا عن الأمر والنهي الفريضة الإلهية التي تحيا بها النفوس والقلوب والمجتمعات، هل تعلمناها على نهج الحسين (عليه السلام)؟ وهل عملنا بها وطبقناها على نهج الحسين الشهيد وآله وصحبه الأطهار(عليهم السلام) وسيرة كربلاء التضحية والفداء والابتلاء والاختبار والغربلة والتمحيص وكل أنواع الجهاد المادي والمعنوي والامتياز في معسكر الحق وعدم الاستيحاش مع قلة السالكين والثبات الثبات الثبات….؟ قال العلي القدير جلت قدرته : بسم الله الرحمن الرحيم {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}التوبة/ 16.

فها هو كلام الله المقدّس الأقدس يصرّح بعدم ترك الإنسان دون تمحيص واختبار وغربلة وابتلاء، فَيُعرف الَّزَبد والضارّ ويتميّز ما ينفع الناس والمجاهد للأعداء وإبليس والنفس والدنيا والهوى فلا يتّخذ بِطانة ولا وليًا ولا نصيرًا ولا رفيقًا ولا خليلًا ولا حبيبًا غير الله تعالى ورسوله الكريم والمؤمنين الصالحين الصادقين (عليهم الصلاة والسلام) فيرغب في لقاء الله العزيز العليم فيسعد بالموت الذي يؤدي به إلى لقاء الحبيب (جلّ وعلا) ونيل رضاه وجنته، وفي كربلاء ومن الحسين (عليه السلام) جُسّد هذا القانون والنظام الإلهي، حيث قام (عليه السلام) في أصحابه وقال :((إنَّه قدْ نَزَل من الأمر ما تَرَون، وإنّ الدنيا قد تغيَّرت وتنكَّرت، وأدبَر مَعروفُها………. ألاَ تَرَون أنّ الحقَّ لا يُعمَل به، والباطلَ لا يُتناهى عنه، ليرغَب المؤمنُ في لقاء ربِّه فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاّ بَرَمًا)).

المحطة الثالثة :

والآن أيّها الأعزاء الأحباب وصل المقام الذي نسأل فيه أنفسنا، هل سِرنا ونسير ونبقى نسير ونثبت ونثبت ونثبت على السير ونختم العمر بهذا السير المبارك المقدس السير الكربلائي الحسيني الإلهي القدسي في النصح والأمر والإصلاح والنهي عن المنكر وإلزام الحجة التامة الدامغة للجميع وعلى كل المستويات فنؤسّس القانون القرآني الإلهي وتطبيقه في تحقيق المعذرة إلى الله تعالى أو (لعلهم يتقون) حيث قال الله رب العالمين سبحانه وتعالى: {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون} الأعراف/164.

وبهذا سنكون إنْ شاء الله في ومن الأمة التي تَعِظ الآخرين وتنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فينجّيها الله تعالى من العذاب والهلاك، فلا نكون من الأمة التي قعدت عن الأمر والنهي والنصح والوعظ فصارت فاسقة وظالمة وأخذها الله تعالى بعذاب بئيس، ولا نكون من الأمة التي عملت السيئات ولم تَنْتَهِ ولم تتّعظ فعذّبها الله تعالى وأهلكها وأخذها بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فقال لهم الله كونوا قردة خاسئين، قال العزيز الحكيم: {لَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} الأعراف/166،165.

المحطة الرابعة:

وبعد الذي قيل لا بدّ أنْ نتيقّن الوجوب والإلزام الشرعي العقلي الأخلاقي التاريخي الاجتماعي الإنساني في إعلان البراءة والبراءة والبراءة……. وكلّ البراءة مِن أنْ نكون كأولئك القوم وعلى مسلكهم وبنفس قلوبهم وأفكارهم ونفوسهم وأفعالهم حيث وصفهم الفرزدق الشاعر للإمام الحسين (عليه السلام) بقوله: (أما القلوب فمعك وأما السيوف فمع بني أمية) فقال الإمام الشهيد المظلوم الحسين (عليه السلام): (صدقت، فالناس عبيد المال، والدين لَعْق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت به معايشهم، فإذا مُحِّصوا بالبلاء قلَّ الديّانون).

والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى الأنصار الأخيار السائرين على درب الحسين ومنهجه قولًا وفعلًا وصدقًا وعدلًا.

الصرخي الحسني

17/ صفر المظفر /1430هـ

13 / 2 / 2009م