عامِلا الكَمْ والكيف في القرن الأكيد وتبيان البرهان اللّمي والأني فلسفياً محاضرة السيد الصرخي التاسعة

بين المرجع الديني السيد الصرخي الحسني(دام ظله) العلاقة السببية بين اللفظ والمعنى هو بسبب قانون بشري في ذهن الانسان وهو إن كل شيئين اقترن احدهما بالآخر فإذا حضر الاول في ذهن الانسان يحضر الثاني وأن هذا الاقتران والملازمة ليس في الخارج إنما في الذهن بين تصور المعنى وتصور اللفظ ، مبيناً أن قانون القرن الأكيد فيه جانب كمي وجانب كيفي، ووضح سماحته(دام ظله) العامل الكمي مثل أن نعيش مع صديقين لا يفترقان نجدهما معاً فإذا رأينا احد الصديقين منفرداً أو سمعنا باسمه أسرع الذهن للآخر لأن رؤيتهما مراراً كثيراً أوجد علاقة في تصورنا وهذه العلاقة تجعل تصورنا لأحدهما سبب لتصور الآخر.
أما العامل الكيفي يعتمد على خصوصية معينة لا تُنسى، تؤسس في ذهن الانسان فكرة وتنطبع في الذهن فإذا حضر في الذهن معنى يحضر تصور المعنى الآخر، فلو سافرت لبلد ما وحصل مرض بعد هذا كلما تذكر ذلك البلد تتذكر المرض حتى لو شفيت لكن حصل ملازمة بين البلد والمرض الذي حصل .
ومن جهة أخرى فصل سماحته ان الاقتران أما على أساس قصد أو على أساس تلقائية فعملية التكرار مرة تكون مقصودة ومرة تكون تلقائياً أما العامل الكيفي أن تعقد جلسة خاصة وتقرن بين شيئين ومرة تكون تلقائية كالمرض في البلد
حيث ان الاقتران التلقائي هو بعض الالفاظ اقترنت ببعض المعاني بصورة تلقائية فنشئت بينهما علاقة لغوية مثل كلمة (آه) كلما أحس بالألم اما الاقتران المقصود : بعض الالفاظ قرنت بالمعنى بعملية واعية مقصودة لكي تقوم بينهما علاقة سببية مثل اسماء الاعلام الشخصية حين تريد ان تسمي ابنك .
وقد علل سماحته هذا الاقتران بين اللفظ والمعنى بسبب الوضع الذي عرفه ” ان نقرن بين صورة لفظ وصورة معنى حتى ينتج عنها اذا تصورنا احد المعنيين نتصور الاخر” وكذلك هو عملية تقرن لفظاً بمعنى (تعهد واعتبار) نتيجتها ان يقفز الذهن الى تصور المعنى عند تصور اللفظ دائما مؤكدا ان من نتائج الوضع انسباق المعنى الموضوع له وتبادره الى الذهن بمجرد سماع اللفظ بسبب تلك العلاقة التي وضعها الواضع ، مشيراً الى ان علة التبادر هو الوضع ، معرّفاً ان التبادر انسباق المعنى الموضوع له الى الذهن بمجرد سماع اللفاظ مؤكداً سماحته ان التبادر علامة على المعنى المتبادر هو المعنى الحقيقي (الموضوع له لأن المعلول (التبادر) يكشف عن العلة (الوضع) كشفاً أنيا لهذا عدّ التبادر من علامات الحقيقة .
وفي ذات السياق تفنن سماحته في الشرح الفلسفي للبرهان اللمي والبرهان الاني بأسلوب عده طلبة الحوزة الحاضرين هو السهل الممتنع
حيث عرف البرهان : هو قياس مؤلف من يقينات (الكبرى + صغرى) ينتج يقينا (النتيجة) أو هو استدلال ينتقل خلاله الذهن من قضايا معلومة يقينا الى قضايا أخرى مجهولة فتكون معلومة
اقسام البرهان (لمي + اني)
اللمي : ان يكون الحد الاوسط علة لثبوت الحد الاكبر للأصغر مفصلاً ذلك بقوله
الخمر (الحد الاكبر) مسكر(الحد الوسط)
اذن : الخمر حرام (الحد الاصغر)
اي ان الوسط علة للنتيجة المتفرعة عن المقدمات ، مضيفاً ان النتيجة (معلول) والحد الاوسط (العلة) وهذا يعني ان العلة كشفت عن المعلوم اي في البرهان اللمي فأن العلة تكشف عن المعلول ذاكراً ان البرهان الاني تكون العملية بالعكس فالعلم بالعلة سبق العلم بالمعلول أي العلم بالإسكار سبق النتيجة مشيراً الى ان سبب تسمية البرهان اللمي لأن السؤال ابتدأ (لم أو لما) فصار أسمه برهان لمي .
وتكلم سماحته عن البرهان الاني : ان يكون الحد الاوسط معلولا لثبوت الاكبر للأصغر اي ان النتيجة علة والوسط معلول
مثال:
الخمر حرام.. صغرى
كل مسكر حرام .. كبرى
اي ان المشترك الحرام
النتيجة : الخمر مسكر
الحرمة (الحد الاوسط) كشفت عن النتيجة فالحرمة معلول والاسكار هو العلة وهذا يعني ان المعلول كشفت عن الاسكار وهو العلة
وتعد محاضرات المرجع السيد الصرخي الاصولية في شرح الحلقة الاولى يفوق ما يعطى في البحث الخارج في حوزتي قم والنجف الاشرف من خلال التعميق في البحث الاصولي و تبسيطه ليحاكي مختلف المستويات العقلية لدى الحاضر والسامع . يذكر ان هذه المحاضرة التاسعة ضمن سلسلة المحاضرات الاصولية التي القاها السيد الصرخي في برانيه بكربلاء المقدسة بتاريخ 25 نيسان 2014 وقد شهدت حضور واسع لطلبة الحوزة من الجامعة الجعفرية وحوزة الامام علي عليه السلام وغيرهم كما وشهدت توافد لمختلف الجماهير من المحافظات العراقية .