خـطيب جُـمـعـة المهنـاويــة:- أنَّ الإمـام السـجـاد أنتهج سلوكًا مبنيًّا على مفهوم التسامح والحوار الشفاف وبثّ روح التسامح بين أفراد المجتمع المسلم

 
المـركز الإعـلامـي : إعـلام المهنـاويــة

أكــــدَّ خـطيب صــلاة الجُـمـعـة الأسـتـاذ عبدالرحمن الفراتي -وفقه الله- فــــي مـــســجد الْمُرْسَلَاتِ وحُسينيــة ســفينة النَــجـاة ، الـــيوم الجُـمـعـة 27 مُــحـرم الحـرام 1441 هـجريـــة المــوافــق 27 أيـْلُـــول 2019 ميلاديــة،إن حالة الجمود الفكري والركود العلمي والفوضى التي أصابت الأمة الإسلامية آبان سيطرة بني أمية على الحكم ألغت ثقافة ومفهوم التسامح الذي ترّبت عليه مدرسة الرسول الأعظم –صلى الله عليه وآله وسلم- واعتمدوا على مبدأ-الضحية والجلاد- وبهذا سيطروا على العامة من الناس, الأمر الذي استدعى أن تكون هناك حركة فكرية واجتهادية تتصدى للأمر، وتفتح للمسلمين آفاقًا للعلم والمعرفة لكي يستطيعوا أن يحملوا مشعل الكتاب والسنة بروح المجتهد العالِم البصير، وهذا ما قام به الإمام السجاد زين العابدين -عليه السلام- فانبرى الى تأسيس مدرسة علمية، ودعم الحركة الفكرية في المجتمع المسلم متمثّلة بحلقات البحث والدرس في مسجد جده الرسول –صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-، مشيرًا إلى أن الإمام السجاد –عليه السلام- انتهج سلوكًا مبنيًّا على مفهوم التسامح والحوار الشفاف وبثّ روح التسامح بين أفراد المجتمع المسلم, وتنظيم العلاقات الإجتماعية على أساس يتطلب تعيين مجموعة من الحقوق تضمن للأفراد حريتهم وإنسانيتهم، وهو الهدف الأساسي للدولة الإسلامية، فإن الذي يفهم بعمق هذه الرسالة، ويدرس بدقّة حقوق الخالق وحقوق المخلوقين بعضهم تجاه بعض يتسنى له أن يفهم أسرار التشريع الإسلامي وفلسفة الأحكام التي جاءت بها الشريعة الإسلامية من أجل تنظيم حياة الإنسان مع أخيه الإنسان فردًا ومجتمعًا، وبذلك يُصار الى تأسيس تيار ثقافي قادر على أن يقف أمام التيارات الضالّة والمنحرفة التي ضمن المخطط الأموي البغيض. فالعدالة الإجتماعية أو الإقتصادية أو الإدارية لن تتحقق ما لم يُطبّق نظام الحقوق بشكل دقيق أولًا, لذلك فقد نظر الإمام علي بن الحسين -عليه السلام- بعمق وشمول الى الإنسان ودرس جميع أبعاد حياته وعلاقاته مع خالقه من جهة، ونفسه وأُسرته ومجتمعه وحكومته وكل من يرتبط به حتى أدنى ارتباط من جهة أخرى. فالثقافة ومفهوم التسامح والعدالة عند الإمام السجاد -عليه السلام- كانت تتضمّن أبعادًا اجتماعية وإنسانية ودينية وسياسية واقتصادية وفكرية، وهذا ما اتسمت به الحضارة الإسلامية منذ صدر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها الى حتى الأزمنة والتواريخ اللاحقة, حيث اتسمت بالقيم الفاضلة والمعاني الإنسانية النبيلة التي من شأنها أن تحافظ على كرامة الإنسان واحترامه، منوهًا الى أن الحوار والتسامح في فكر الإمام السجاد -عليه السلام- لا يهدف الى تسقيط الآخر بل الى تحقيق العدالة ونبذ الكره والفوقية لأنها من أخلاقيات الحمقى. وبالتالي فإن قيمة التسامح تتمثل في كونه إرهاصة من إرهاصات إقامة مجتمع مدني متقدّم، والإعتراف بالآخر حتى المخالف فردًا كان أو جماعة والإعتراف بشرعية هذا الآخر من وجهة نظر ذاتية في حرية الإعتقاد والتصور والممارسة، وأيضًا كان من بين اهتمامات الإمام السجاد –عليه السلام- أن يضع الأمة على خطّها ومسارها الحقيقي الصحيح الذي أنشأه وقنّنه الإسلام الحنيف لها، وينتقل بها من واقع الى واقع, ومن وجود الى وجود آخر أكثر جمالًا من أجل حياة هذا الكون وحياة ما ورائه، وعليه فالواجب علينا كمعتقدين أن نرسّخ عناوين التسامح ومفاهيمه المتعدّدة وجعلها سلوكًا بكل تعاملاتنا وإبراز الخلق العظيم لرسالة السما.
ثــم أقيـمت ركـعتـا صــلاة الجُـمـعـة