خطيب جمعة الحي : الإسلام انطلق على أساس أن يقوم الناس؛ كل الناس، بالقسط والعدل، بحيث يكون العالم عالم عدل


المركز الإعلامي – إعلام الحي


تحدث خطيب جمعة التابعي الجليل سعيد بن جبير الأسدي (رضوان الله عليه ) في قضاء الحي ( 40 كم جنوب مدينة الكوت مركز محافظة واسط ) سماحة السيد ماهر الموسوي (أعزه الله ) اليوم الجمعة العاشر من شعبان 1439 هـ الموافق 27 نيسان 2018 م عن غيبة حجة الله، قائم آل محمد، عجّل الله تعالى فرجه،الذي نلتقي بذكرى ولادته في النصف من هذا الشهر، في الخامس عشر من شعبان.ونحن إنّما نذكره، لأنه صاحب الزمان الذي بشّر به رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)
وفي هذا الجو، لا بدّ لنا من أن نؤكِّد حقيقةً لمن يتحدث عن هذه الغيبة الطويلة، وعن الفائدة التي يحصل عليها الناس من إمامةٍ غائبة، فالله سبحانه أراد أن يقيم الحجة على الناس، وذلك بأن يرسل رسله ويصطفي أولياءه من أجل هدايتهم إلى الحق، وتوجيههم إلى السير على الصراط المستقيم، فكيف يتحقَّق ذلك في ظلّ غياب الإمام؟

وبين الخطيب : الدور التثقيفي للإمامة حيث استطاع الأئمة(عليهم السلام) أن يلبّوا حاجات الناس في أيِّ حكم شرعي، وفي أي مفهوم إسلامي، وأن لا يتركوا الناس في حاجة إلى أيّ شيء من ذلك، بل شرحوا لهم كل ما جهلوه وما أشكل عليهم فهمه في كل ما في الكتاب والسنّة، وركّزوا القواعد العامة التي تطل على كل المستجدات التي يمكن أن يأتي بها التطور، ليجتهد المجتهدون في تحديد الأحكام الشرعية على أساس القواعد الإسلامية التي جاء بها الكتاب والسنّة، والتي شرحها وبيّنها وأوضحها الأئمة من أهل البيت(عليهم السلام)، حتى إذا جاءت الغيبة الصغرى التي كان الناس يتصلون فيها بالإمام الحجة(عجل الله فرجه) من خلال سفرائه، كانت رسالته مع آخر سفير له: “وأما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله”.

وأضاف الموسوي : كأن الإمام يريد أن يقول للمسلمين جميعاً، ولاسيما من أتباع أهل البيت(عليهم السلام)، إنّ الأئمة من أهل البيت قد حدّثوا الناس من خلال أحاديثهم في كل ما يحتاجونه، فلم تبقَ لكم أية حاجة إلى أن يظهر بينكم إمام تسألونه وتتحدثون معه، لأن الأئمة قد سدّوا كل الفراغ فيما يحتاجه الناس في الماضي والحاضر والمستقبل، فإذا حدثت هناك أية حادثة في أي أمر من الأمور، وأردتم معرفتها، فارجعوا فيها إلى ما رواه الرواة الموثوقون من أحاديثنا، وانفتحوا على العلماء الذين يستنبطون الأحكام الشرعية من هذه الأحاديث، فإنهم يعرِّفونكم كل مسؤولياتكم وكل تكاليفكم.

ووضح الخطيب : أن الدور التثقيفي للأئمة(عليهم السلام)انتهى بعد أن بيّنوا كل شيء. ولذلك نرى الآن، أن المجتهدين الذين وصلوا إلى المراتب العليا في الاجتهاد، لا يجدون مشكلة في أي شيء جديد يبتلى به الناس مما يستحدثه التطور، بل إن المجتهدين يطلقون الفتوى في كل ما يسألهم الناس عنه، لأنهم يستهدون بذلك بما جاء في الكتاب والسنّة، وبما جاء عن الأئمة من أهل البيت(عليهم السلام).

وأشار الموسوي : أن الدور الثاني للإمامة، فهو الدور العالمي الذي يراد من خلاله تغيير العالم، على أساس العنوان الكبير الذي انطلق الإسلام منه؛ فالإسلام انطلق على أساس أن يقوم الناس؛ كل الناس، بالقسط والعدل، بحيث يكون العالم عالم عدل، وهو ما يحتاج إلى الكثير من مراحل الزمن، ولذلك أعدّ الله الإمام الثاني عشر ليحقِّق الهدف الذي جاءت الرسالات من أجله، وهو إقامة العدل بين الناس، وهذا ما عبّر الله عنه في (سورة الحديدالآية 25) أي حتى يأخذ كل الناس بالعدل، فلا يُرى هناك ظالم لا في داخل العائلة، ولا في داخل المجتمع، ولا في داخل المحاور المتنوّعة في العالم. ولذلك فإن الدور الذي أعدَّه الله للإمام، هو أن يخرج ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بحيث لا يبقى هناك مكان في الأرض يتحرك فيه الظلم والظالمون والاستكبار والمستكبرون

وأكد الخطيب في خطبته الثانية : أنّ عدم ظهور الإمام للناس ليس خوفاً، وقد ظهر الأئمة من أهل البيت(عليه السلام) ، مع أنّ الضغوط كانت تحيط بهم من كل جانب، ولكن الإمام(عليه السلام) انطلق من خلال رعاية الله له، فكانت غيبته من غيب الله، كما سيكون ظهوره من غيب الله، ولذلك فهو لم يغب خوفاً من أن يُقتل أو يضطهد، لأن قوته من الله، ولأنه يظهر من أجل أن يواجه العالم كله بالعدل، وليخضع العالم كله للعدل، فكيف يمكن أن ننسب إليه الخوف؟!

وأشار الموسوي إلى: أنّ بعض الناس يعملون على استغلال جهل الناس وغفلتهم وسذاجتهم، فيخرجون ليدّعوا أنهم سفراء الإمام،أو أبناء الامام أو رسل الامام وأنهم أصفياء الإمام… هؤلاء كذّابون، يريدون أن يستغلوا الناس وأن يتاجروا بذلك. لقد غاب الإمام (عليه السلام) ولم يلتقِ به أحد، لأنه غاب عن الناس كافة، وليس لأحد خصوصية في هذا المجال. ولذلك، فكلُّ من ادّعى الرؤيا، فليست الرّواية عنه صحيحة.

واختتم الخطيب قائلًا:إن مسؤوليتنا في زمن الغيبة، هي أن نبقى نتحمل مسؤولية الإسلام، ومسؤولية الخط الأصيل الذي سار عليه الأئمة من أهل البيت(عليه السلام) ، التزاماً برسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)، وهذا ما ينبغي لنا أن نعمل له؛ أن نكون قوةً للإسلام، وأن نكون قوةً للعدل، وأن نواجه الظلم كله والكفر كله، ونحن الذين نلتزم ولاية علي بن أبي طالب(عليه السلام) الذي كان يمثِّل الإيمان كله والإسلام كله، وهذا ما عبّر عنه رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) في وقعة الأحزاب، عندما برز علي إلى عمرو بن عبد ود.


ركعتا صلاة الجمعة