خطيب جمعة البصرة : الإمام السجاد وارث مدرسةَ النبي – صل الله عليه واله – في التسامحِ والإخاءِ الانساني


المركز الإعلامي – إعلام البصرة

اكد الشاب السيد محمد الخرساني في خطبة الجمعة المقامة في جامع الإمام الباقر – عليه السلام – وسط محافظة البصرة الفيحاء اليوم الجمعة 27 محرم الحرام 1441 هجرية الموافق 27 أيلول 2019 ميلادية .
أن مدرسةُ النبي المصطفى ( صلى الله عليه واله وسلم من أهلِ بيتهِ وصحابته المُنتجبين تحث على التسامحِ والإخاءِ الانساني , ففي فتحِ مكة كان كثيرٌ من الأعداءِ وحتى الأصدقاءِ ينتظرون أن تُسفكَ الدماءُ وتُؤخذَ الثاراتُ وتُثارَ الفتنَ والهرجُ والمرجُ في مكة وينتقمَ أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه واله من المشركين الذين تعاملوا معَ المؤمنينَ معاملةً بشعةً وعرضوهم الى انواعِ التعذيبِ الجسدي والنفسي في مكةَ وخارجِها حيث افرزتْ هذهِ الأحقادُ شعاراتٍ كان يُردِّدها قادةُ الفتح منها : ( اليومَ يومَ الملحمة, اليومَ تُسبى الحرمةُ اليومَ أذل اللهُ قريشاً ) ولكن عندما سمِعَ الرسولُ سُرعان ما بادرَ انطلاقاً من المبادئ الأخلاقيةِ الى شعار ( أدفعِ السيئــةَ بالحسنــة ) الى أن عفى عن الجميع وأطلق كلمتَه المشهورة ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) ثم أمر أن يُستبدلَ الشعارُ الانتقامي بشعارٍ آخرَ يفيض احساناً ورحمةً وكرامةً وهو (الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ اليومَ يومُ المرحمة اليومَ أعزَّ اللهُ قريشاُ ) لقد أحدث هذا الموقفُ تغييراً كبيراً في أفكارِ أهلِ مكةَ من دعوة النبي حتى إنهُ على حد وصفِ الآيةِ الكريمةِ بدؤا يدخلونَ في دينِ اللهِ أفواجا

واضاف الخرساني : وزينُ العابدين علي بن الحسين عليهما السلام ذاك الرجلُ الذي اتفقَ العلماءُ والمؤرخونَ والباحثونَ بمختلفِ اديانِهم على علمهِ وزُهدِه وتواضعِهِ وفقاهتِهِ وفطنتهِ وذكاءِهِ وهو أحدُ اولئكَ المعصومينَ الذين ورِثوا مدرسةَ النبي الرحيم فكان سلامُ اللهِ عليه مثالا يُقتدى به في كلِ السماتِ الانسانيةِ ومنها التسامحُ الذي ضرب لنا اروعَ المواقفِ في التسامحِ مع كلِ اصنافِ الناس

وبين سماحته : كان عيله السلام متسامحاً متحاوراً مع الصغير والكبير , ومن مظاهر التسامح عنده والخُلقِ الكريم إنهُ وقفَ ذاتَ يومٍ رجلٌ أمامَه فأسمعهُ وشتمهُ , فلم يُكلمْهُ الإمامُ حتى انصرف , فلما انصرفَ قال الإمام لجلسائِهِ : قد سمعتم ما قالَ هذا ارجل . قالوا نعم . قال أُحبُّ أن تذهبوا معي اليه حتى تسمعوا ردِّي عليه , فقالوا له نفعلُ نحنُ معك , وكُنّا نُحبُّ أن نردَّ عليه نأدبه , قال لا . وأخذ نعلَهُ وذهب معَهم الى دارِ الرجلِ وهو يقول : والكاظمينَ الغيظَ والعافينَ عن الناس والله يُحب المحسنينَ , فعلم الذين معَ الإمامِ إنهُ لا يقول له شيئاً وعندما وصل بابَ الرجلِ قال لأصحابهِ نادوا عليه وقولوا هذا عليُ بنُ الحسينِ في بابِ دارِك , وعندما خرجَ الرجلُ متوثباً للشرِ وهو لا يعتقدُ إنهُ جاءهُ مكافئاً على ما بدرَ منهُ . فقال له الإمام يا أخي إنك وقفتَ أمامي وشتمتني وقلتُ وقلت , فإن ما فيَ : فأستغفرُ الله منهُ , وإن قلت ما ليس ما فيَ فيغفرُ اللهُ لك , فتقدمَ اليه الرجلُ وقال : بل قُلتُ فيكَ ما ليس فيك وأنا أحقُّ به .

كان ينبذُ العداوةَ حيث قال ” لا تعادينَّ أحداً وإن ظننتَ إنهُ لا يضرُّك , ولا تزهدنَّ في صداقةِ أحدٍ وإن ظننت إنهُ لا ينفعُكَ فإنهُ لا تدري متى تخافُ عدوَّك ومتى ترجو صديقَك , وإذا صليت فصلِّ صلاةَ مُودِّع
فيما بين الخرساني : فيجب ان تترسخَ سمةُ التسامحِ في بيوتِنا بينَ الزوجِ وزوجتِه وبينَ الوالدَين والاولادِ لننعمَ بجوٍ اجتماعيٍ متسامحٍ ومنه ننطلقُ الى تسامحٍ اوسعَ واعمقَ مع معتنقي الدياناتِ الاخرى والمذاهبِ الاخرى فكم هو جميلٌ حين َيذكرُ الشيعة والمعتزلةُ والمرجئةُ والخوارجُ والصوفيةُ والاباضيةُ والمسلمونَ والمسيحُ واليهودُ يذكرونَ صفاتِ وسماتِ الامامِ السجادِ عليه السلام الطيبة لانه سلامُ الله عليه عمِل على تأصيلِ روحِ التسامحِ بينَ الناسِ رغمَ الظروفِ العصيبةِ التي فرضتها بنو امية حينذاك ولكنه حقق نجاحا باهرا في ارساءِ دعائمِ التسامح

واوضح الخرساني : وعلى هذا النهج المحمدي السجادي سار السيد الاستاذ ( دام ظله ) وهو يتحينُ الفرصةَ تلو الفرصةِ ليجعلَ من الانسانِ انسانا يحملُ مشعلَ الحبِ والودِ والتسامحِ للاخرين وهذا لايعني انه يتنازل عن معتقدهِ بل يُريدُ منا ان نعيشَ بعنوانِ الانسان وان تتقبلَ الاخرَ كما هو مالم يُهدِّدُ الامنَ المجتمعي ويبقى بابُ المجادلةِ بالحسنى مفتوحا لمن أخذ على عاتقِهِ نصرةَ دينِهِ بالعلمِ والتقوى والاخلاق ، ومن مقولاته دام ظله فيالتسامح نتعاملُ مع المقابلِ تعامُلَ الأخوّةِ والمسامحةِ والأخلاقِ والإسلامِ والرسالةِ والمصالحِ العامّةِ والأخلاقِ الإلهية، يجمعُنا الدين، يجمعنا التوحيد، تجمعُنا النبوّة، تجمعُنا الرسالة، يجمعُنا عنوانُ الإمامةُ، تجمعُنا الصلاةُ، الصومُ، الزكاةُ، الحجُّ، تجمعنا الأخلاق


ركعتا صلاة الجمعة المباركة