بيان رقم (82): (العتبة الحسينية ... بين احتلال وافتراء)

بيان رقم (82): (العتبة الحسينية … بين احتلال وافتراء)

بيان -82-

العتبــة الحسينيــة بيــن احتـــلال وافتـــراء

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة المرجع الديني الأعلى العراقي العربي آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني (دام ظله)

نرفع إلى سماحتكم السؤال التالي راجين تفضلكم بالإجابة عليه:

ما هو رأي سماحتكم فيما أُشيع خلال اليومين السابقين من الإشاعات في الشارع الكربلائي بأنَّ سماحتكم أو مقلّديكم يرومون أداء صلاة الجمعة في العتبة الحسينية المقدَّسة وبالقوّة (ما يسمى باحتلال العتبة الحسينية).

كذلك رأي سماحتكم فيما يُشاع حول تقاسمكم صلاة الجمعة مع وكيل مرجعية السيد السيستاني جمعة لكم وجمعة لهم في العتبة الحسينية المقدَّسة وتشترطون أيضاً تقاسم الأموال.

بسمه تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) الأنفال /30.

الحمد لله والشكر لله الذي دفع عنا مكر وكيد الكافرين أئمَّة الكفر والضلالة وقادة النفاق وسُرّاق أموال الإمام (عليه السلام) وسُرّاق أموال الأرامل واليتامى والمحتاجين والفقراء، فالحمد لله والشكر له على ما أنعم وتفضّل، والكلام في عدّة أمور:

الأول: قال الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): لغير الدجال أخوفني على أمتي، لغير الدجال أخوفني على أمتي، لغير الدجال أخوفني على أمتي، قال (أبو ذر عليه السلام): يا رسول الله، ما هذا الذي غير الدجال أخوفك على أمتك، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أئمة مضلين.

الثاني: عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا بن مسعود، ما يغني من يتنعم في الدنيا إذا أخلد في النار،،……. قال الله تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) الجاثية/ 23

يا بن مسعود الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء،…..

يا بن مسعود يأتي على الناس زمان الصابر على دينه مثل القابض على الجمرة بكفّه، يقال لذلك الزمان: إن كان ذئباً وإلا أكلته الذئاب، يا بن مسعود علماؤهم وفقهاؤهم خونة ألا أنهم فجرة أشرار خلق الله كذلك، وأتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم، أشرار خلق الله، يدخلهم نار جهنم ((صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ)) البقرة/ 18…. يدّعون أنهم على ديني وسنتي ومنهاجي وشرائعي، إنهم مني براء وأنا منهم بريء…. يا بن مسعود، إنهم يرون المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ففي ذلك يطبع الله على قلوبهم، فلا يكون فيهم الشاهد بالحق، ولا القوامون بالقسط، قال الله تعالى ((كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ)) النساء/ 135.

الثالث: العقلاء الأعزّاء أصحاب الضمير الحي الشرفاء النجباء من شيوخِ عشائرٍ ووجهاءٍ وأساتذةٍ وطلابٍ وموظفين وكسبةٍ أعزاء ممّن واصلَنا وتشرّفنا به ومن لم نتشرّف به لحدّ الآن أقول وأتيقّن القول والمعنى بأنّكم جميعاً تعلمون وتتيقّنون أنَّ تلك الشائعات هي محض كذب وإفك وافتراء ومعرفتكم وتيقّنكم (وكما فهمته من العديد منكم) جاءت بسبب أنَّ مروّج هذه الإشاعات والحاثّ عليها والدافع للأموال والرشا من أجلها وخداع الناس بها وتغرير من شاء أنْ يكون من المغرَّرين الجُهّال.. أقول: تعلمون وكما فهمت منكم أنَّه نفس إمام الضلالة الذي كان وكيلاً أمنياً لنظام صدام ثم صار عميلاً للأميركان والذي تسلّط ومنذُ سنين طوال على أموالكم ومقدّراتكم التي أنتم أحقّ بها لأنّكم المحامي والمدافع الحقيقي عن العتبات المقدَّسة وأنتم المضحِّي من أجلها والمتحمّل لضيافة الزوّار وتعلمون وتتيقّنون أنَّ المليارات تُسرَق وتُملأ بها الكروش والجيوب والأرصدة بل وتُشتَرى بها القصورُ ويُساهَم بها في الشركات العالمية في كل البلدان إلا في العراق وإلا أرامل ويتامى وفقراء العراق؛ نعم تعلمون أنَّ مروّج الإشاعات هو سارق أموال الأرامل واليتامى والفقراء، الأموال التي قدّرها بعضكم أنها وخلال العشر السنوات الماضية كانت تكفي أن تُبلّط بها أرض العراق كل العراق ببلاط (كاشي) من ذهب، وكما قال بعضكم إنها (أي الإشاعات) صدرت من فاسق سارق والفاسق لا يُصدّق، قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) الحجرات/6.

الرابع: أعزائي سألني العديد منكم وطلب رأيي وموقفي من قضية ما يُجبى من أموالٍ طائلةٍ من العتبات المقدَّسة في كربلاء المقدسة والتي تسلَّط عليها وسرقها البعض ومنذ سنوات طِوال وأنا أخبرت البعض بأنَّ الكلام في مثل هذا الموضوع يعني إثارة المتسلِّط الأفعى بل الحوت وسيصعّد من الإثارة والعداء والتأجيج والكذب والافتراء وربما يكون ما حصل من إشاعات يرجع إلى ما وصله من كلام معكم كإجابةٍ على ما صدر من استفهامات؛ وتلخّصَ الجواب بالمعنى الذي يرجع إلى أنَّه لا بدَّ أنْ يرجع الأمر إلى تشكيل لجنة مشتركة من الدولة وحكومتها من ممثلين عن وزارات عديدة كوزارة العدل ووزارة العمل ووزارة الهجرة والمهجرين ووزارة السياحة وغيرها من وزارات والدوائر ذات العلاقة ومن ممثلي أهالي كربلاء من قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين وشيوخ عشائر ووجهاء مجتمع ظاهرهم الخير والصلاح والصدق والأمان والعطف والحنان على أهل العراق خاصة الأيتام والأرامل والمرضى والفقراء كي يصل إليهم ما يستحقون من أموال المراقد المقدَّسة.

الخامس: أخبركم الآن وكما أخبرتكم يا أعزائي سابقاً بأنّي أذكر أنّي قد أصدرت ومنذ سنوات ما يرجع إلى هذا المعنى وأنقل لكم بعض ما ذكرت في بيان – 44 – في (31/8/2007 )، (17 شعبان 1428):

[[ فنحن الرموز والمراجع الدينية (( من السنة والشيعة))… صرنا ألعوبة بيد آخرين وشَمّاعة تُعلَّق عليها وتُبرَّر بها أعمالُهم ومواقفُهم …. ممّا أدّى إلى مآسي وويلات وكوارث كثيرة وكثيرة، منها تحويل المراقد والبُقَع والروضات المقدسة للمعصومين (عليهم السلام) إلى ثكنات عسكرية ومخازن عتاد ومعتقلات ومراكز تغييب وتعذيب واستخدام واستغلال أموال تلك المراقد والمراكز الدينية وأموال الله والأولياء الصالحين والمؤمنين والمسلمين للتجييش والتسليح والضغط والقهر والابتزاز، حتى وصل بنا الحال إلى ما نحن فيه وبصدده فلا بدّ ولا بدّ ولا بدّ …… يجب عقلاً وشرعاً وأخلاقاً وتاريخاً علينا الرموز ومراجع الدين:

أولاً: التحلي بالشجاعة والشعور بالمسؤولية القانونية والشرعية والتاريخية والأخلاقية والإنسانية والاعتراف بالخطأ الجسيم الخطير المهلك الذي حصل بسبب مواقفنا من قول أو فعل أو إمضاءٍ أو سكوت أو عدم ردع.

ثانياً: تجسيد ذلك بالردع والردع والردع الصريح الواضح الجليّ لكل من يستغلّ اسم المرجعية والمراجع.

ثالثاً: تقديم وإعلان الاعتذار والاعتذار والاعتذار إلى العراق الحبيب وشعبه العزيز الحزين.

رابعاً: معاهدة الله تعالى ورسوله الكريم وأهل بيته الطاهرين والأولياء الأخيار والصالحين والعراق وشعبه المظلوم….. معاهدتهم على عدم التدخل في شؤون العراق والعراقيين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية حتى لا يتكرّر الفشل والخطأ والمأساة.

خامساً: يجب ترك الساحة والفرصة للوطنيين المخلصين الصادقين للعمل بجدّ وإخلاص للعمل من أجل العراق كل العراق وشعبه الطيب المظلوم المهضوم.

سادساً: لا بد من الإعلان وبكل وضوح أنّنا لا نريد من يترأس ويحتمي بالمقدسات والمراقد الشريفة بل نريد من يخدم ويحمي تلك البُقَع والرياض المباركة بجسده وروحه.

سابعاً: وعليه لا بدّ أنْ تتصدّى الدولة ومؤسَّساتها بصورة مستقلَّة لذلك العمل في الحماية والخدمة ولا بدّ أنْ تكون تلك المشاهد والمراقد منزوعة السلاح بصورة مطلقة حفاظاً على مكانتها وقدسيتها وحفاظاً وصيانة لمشاعر الزائرين الكرام.

ثامناً: وكذلك لا بدّ أنْ تتصدّى الحكومة وبكل أطرافها ومكوّناتها لتشكيل لجنة مستقلّة من الأشراف والأخيار ورؤساء العشائر والإعلاميين والقانونيين ومؤسَّسات المجتمع المدني وغيرهم تُشرف على أموال المراقد المقدَّسة وتوزيعها بما يُرضي الله ورسوله وآله الأطهار في شؤون إعمار العراق وتجديد تلك البقاع و في شؤون المهاجرين والمهجَّرين وفي شؤون الأيتام والأرامل ضحايا الاحتلال والإرهاب…]].

هذا بعض ما ذكرته في عام (1428) هـ، (2007)م، وأكرِّر وأُمضي ما قلته بل لا بدّ من التأكيد والتأكيد عليه.

السادس: وعليه يجب أنْ يساهم كل العراقيين في احتضان المراقد والبُقَع المقدَّسة لأهل البيت الأطهار (عليهم السلام) وحمايتها والقيام بخدمة زُوّارها ولا بدّ أنْ تُوزَّع وتعمّ موارد وخيرات هذه البُقَع والجَنّات المقدَّسة.. تعمّ كل شرائح الشعب العراقي وخاصة الشرائح المحرومة من المحتاجين والفقراء والمرضى، إضافة للأرامل واليتامى وعوائل الشهداء وكل محتاج من شعب العراق.

السابع: أقول وأكرّر وأكرّر إنَّه لا بدّ أن يكون للدولة ومؤسَّساتها الأمنية والعسكرية والقانونية والاجتماعية الدور الرئيس والفاعل في حماية المقدَّسات والإشراف عليها وعلى أموالها وصرفها في الصيانة واستضافة الزُّوّار وإكرامهم وما يخص وسائل الراحة والخدمة لهم إضافة لشمول التوزيع وتعميم خير المقدَّسات من أجل صيانة الإنسان والحفاظ على حياته وكرامته وخاصة المحتاجين منهم فيشملهم عَطاء وبركات ونِعَم المعصومين (عليهم السلام) وأهل البيت الأطهار وبُقعهم المقدَّسة الطاهرة، هذا ما قلته وأقوله وسأقوله حيث ألزمني بذلك الشرع والأخلاق والتاريخ ونصرة العراق وشعبه المظلوم وأسال الله تعالى العلي القدير أنْ يستر شعب العراق وأرض العراق من كل سوء ومكروه وقبح وفساد وأخصّ بالذِّكر أبناء كربلاء الشرفاء النجباء وأرض كربلاء أرض الأحرار والتضحية والإيثار.

الثامن: لا أنسى أنْ أقدّم شكري وتقديري واحترامي للثلَّة المؤمنة وأقصد الشرفاء أهل الغيرة والمبدأ والأصالة الذين يعملون في نفس المراقد المقدَّسة والذين يحصلون على الأموال الطائلة من هناك لكن مع هذا اهتمّوا للآخرين وواسوهم في كشف حقيقة ما جرى ويجري هناك من سرقة للأموال الضخمة الهائلة ومن حياكة دسائس ومؤامرات ومنها ما أُريدَ من ترتيب دمار وهلاك على ما أُشيع من كذب وافتراء، فشكراً لهم وسدَّدهم الله ونصرهم وقضى حوائجهم.

والحمد لله ربِّ العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

15/ جمادي أولى/ 1434 – 28 / 3 / 2013

الصرخي الحسني