بحث ’وقفات مع … توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري‘

استحوذ التيّار الذي يتبنّى أفكار ابن تيمية (أو ما نُسِبَ الى ابن تيمية) قدراً كبيراً من اهتمام المسلمين بطوائفهم المتعددة، لا سيما و انه يتلبس بلباس العقائد الإسلامية و ادّعاء تشذيبها من الخرافات و الخزعبلات و البدع التي يدّعي هذا التيار وجودها في كل طوائف المسلمبن. و تميّز أتباعه بشدّة اللهجة تجاه خصومهم و تطرّف الحكم على الآخرين ممن لا يؤمن بتوجهاتهم. و أخيراً أصبح هذا التيار خميرة لكل حركة تكفير للمسلمين و كل دعوة للقتل بدعوى الشركو الإلحادو البدعو غيرها من اتهامات نسمعها على ألسنة أناس لا نعرف عنهم سوى تمجيدهم لإبن تيمية و لقلقتهم بألفاظ التوحيدو السنّةو ما يرافقها من مظاهر تستهوي السذّج و ضعاف العقول و من يأخذ دينه عن غير بصيرة و يحسن الظنّ في وقت السوء و الفتن الذي نعيشه.

و يبدو واضحاً أنّ من أبسط ما يستهوي به أتباع هذه الحركات التكفيرية أتباعهم هو تمظهرهم بمظاهر السنة و تكرارهم لألفاظ و نصوص التوحيد، فالتوحيد في الإسلام هو الأصل الأول في العقيدة و هو غاية إرسال الرسل بل و غاية خلق الإنسان. فالبسطاء من الناس تخدعهم الدعوات الى تنقية توحيدهم مما علق به من شركو إلحادو بدعو غيرها من أوصاف تَشينُه.

لكن الدعوة الى التوحيد ظاهراًاذا أفضت الى التكفير و رفض الإستماع الى رأي الغير و محاربة العقل و التفكير السويّ، ثم استباحة الأعراض و الدماء و الأموال، فلا بد أن يتوقف المسلم مهما كان مستواه الذهنيو يتساءل عن غرض هؤلاء القوم الذين يدعوننا الى قتل من يختلف عنا في الفكر و العقيدة و المنهج! ألا يخبروننا كيف تسافل توحيدهم من تعظيم لله سبحانه و تنزيهه الى هذا الحضيض من التجرد عن الإنسانية و اتّباع البهيمية و الشيطنة؟ فلو أن الشيطان الرجيم عدو التوحيد أراد أن يحطّم الإيمان بالله سبحانه و توحيده لما وجد أفضل منهم وسيلة و أعواناً و خُدّاماً! فها هم يمزجون صيحات “الله أكبر” بقتلهم الأسرى بأبشع الطرق، و يخلطون كلمة الله بتهجير آلاف المسلمين و أهل الملل الأخرى، و يحطمون الإرث الحضاري و هم يرفعون راية “لا إله الا الله”. فهل نتوقع أحداً يؤمن بالاسلام و يرغب في التوحيد و هو يرى “أهل التوحيد” يرتكبون أمثال هذه الجرائم؟

لكن المسلم بسيط التفكير و المعرفة سيقف متحيّراً في هذه الدعوة التي تُفضي إلى نتائج لا يرتضيها العقل السليم، دون أن يستطيع معرفة الخلل فيها، إذ أنّ الدعوة هي دعوة عبادة الواحد الأحد سبحانهو نبذ الشرك و البدع و الخزعبلات، وهي دعوة صالحة في ظاهرها فكيف تحولت إلى نهج متطرف؟ ذلك أنّ تفكيك ألغاز و تأريخ نشوء هذه الدعوة و التحولات التي مرّت بها و طريقة استقطابها عوامّ المسلمين و تحوّلها زاداً للتقاتل الإسلاميالإسلامي و سلاحاً للتعدّي على أهل الأديان و الإعتقادات الأخرى هو أمر يحتاج الى مَؤونة علمية متميزة و تفكير يعلو على تفكير واضع هذه الأفكار المتطرفة. بل و لا بد أن يعلو على طريقة و منهجية كل المفكرين و العلماء و المراجع السابقين و الحاليين الذين تصدّوا لتحليل هذا التيار المتطرف و إيقاف نخره في جسد العقيدة الإسلامية و المجتمع الإسلامي. و لو كانت المنهجيات و طرق النقاش السابقة ناجعة لما استمر هذا الفكر في الإستفحال و لما بلغت فتنته في التفنن في القتل و الإرهاب هذا المبلغ و لما استمر في كسب الأتباع و التوسع.

أضف الى ذلك أن شدة تغير الأحداث التي يعيشها العالم بأسره من تصارع في الأفكار و التوجهات و التسابق للهيمنة و السيادة و استخدام أية أساليب متاحة للوصول الى الاغراض دون وازع أخلاقي أو انساني، تتطلب تفكيراً مرناً و اطّلاعاً على ما يجري في الواقع اليومي للمسلمين و متابعةً للحركة السياسية المحلية و الاقليمية و العالمية بكل تعقيداتها و الربط بين الأحداث و التوجهات المختلفة للخروج باستقراء و فهم واضح لأسباب نشوء و نمو الدعوات الدينية المتطرفة و كيفية استخدامها ألعوبة بأيدي الأهواء السياسية.

و هذا البحث نتاج آخر لسماحة السيد الصرخي الحسني (دام ظله) في الذبّ عن أصول الدين الحنيف و استنقاذ المسلمين من القتن المتلاطمة التي حوّلت المجتمع الإسلامي الى معسكرات قتل يعيث فيها أصحاب الأهواء و أعداء التوحيد فسادا. و انتهج سماحته في محاضرات هذا البحث طريقته المتميزة في تفكيك العبارات و تبيان الخلل و التناقض و الخطأ في صياغتها نفسها و تطبيقاتها و الاستدلالات التي تضمّنتهاعند ابن تيمية و من ماثله في المنهج و الاستدلال. و في ثنايا البحث يجد المسلم بوضوح آيات القرآن الحكيم و السنة الشريفة تنهاه عن دعوات التوحيد الزائف الكاذب و تدعوه الى الرجوع الى مَعين التوحيد القرآني الذي أوضحته السنة الشريفة و أقوال و أفعال أئمة المسلمين من أهل البيت (عليهم السلام) و نُقول الصحابة الكرام و التابعين و العلماء الربانيين. فتستبين للمسلم طريق عبادة الإله الواحد و الدعوة الحسنى الى التوحيد الخالص من أهواء المتقولين و تدليسات المبطلين و تسويلات الشياطين:

    1. المحاضرة الأولى (ربّ التيمية شاب أمرد! انهم يرون ربهم!)

    2. المحاضرة الثانية (أغبياء و جُهّال. هدم اللغة و تعطيل العقل)

    3. المحاضرة الثالثة (التوحيد التيمي أتاكم بالذبح!)

    4. المحاضرة الرابعة (دعوة للوثنية و تعدد الآلهة! رؤية الرب في اليقظة!)