خطيب جمعة الشامية : وردت كلمة “ربُّ العالمين” في أول سورة من القرآن الكريم

 

المركز الإعلامي -اعلام الشامية

جاء في خطبةٍ ألقاها خطيب جمعة الشامية الشاب الخطيب محمد الكفائي قائلًا:

وردت كلمة “ربُّ العالمين” في اول سورة من القران، وفي اخر سورة قال تعالى: “قل اعوذ برب الناس اله الناس ملك الناس” وفُسِّرت كلمة “ربُّ العالمين” بشكل واضح في الآية الكريمة التي سأل فرعونُ فيها موسى (عليه السلام) عن ربِّ العالمين في قوله تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ)، أي تساءل فرعون عن رب العالمين من هو؟ فأجابه: (قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ)، فالله (عز وجل) هو رب المسلمين ورب المسيح واليهود والصابئة والكلدان وباقي الديانات، بل هو رب كل المخلوقات.
وفي سياق المشروع الوحدوي الانساني العالمي الذي يقوده الأستاذ المعلم، والقائم على أساس اثبات وابراز وتفعيل وحدة الديانات السماوية ووحدة الهدف الذي نزلت من أجله، والمتمثل بتحقيق الكمال والسعادة للبشرية، يواصل المحقق الاستاذ، طرح وتفسير النصوص التأسيسية التي تضمنتها الكتب السماوية، والتي تؤكد على حقيقة وحدة هدف الأديان السماوية.. فبادر بمنهجه العلمي الوسطي المعتدل الى إبطال ودحض التصور والاعتقاد الخاطئ الذي اظهر ويظهر الديانات السماوية على أنَّها دياناتٍ مُتنافرةٍ متصارعةٍ يُنكر بعضُها بعضًا، ويُكفِّر بعضُها بعضًا. والذي انعكس سلبًا على سلوك ومواقف الناس، فأدى الى تفشي التطرف والإرهاب وانحسار السلام، وانخراط الكثير في ركب الالحاد، بعد أن نفر من الدين.
ولدفع تلك المخاطر والمآسي، ومن أجل تحقيق السلام المفقود، يرى الأستاذ المحقق في بحثه الموسوم (مقارنة الأديان بين التقارب والتجاذب والالحاد)، بأنه لابد من تغيير هذا التصور، بل الاعتقاد الخاطئ، من خلال دفع الاختلاف المُفتعل، والتوفيق بين معاني الكتب السماوية التي ظاهرها الاختلاف، والتقريب بينها واعتماد المشتركات والثوابت، والتمسك بالحوار والمُجادلة بالحسنى، واحترام حرية الفكر والعقيدة. ومن ثم ابراز وطرح الصورة الإلهية للأديان السماوية ونصوصها التأسيسية التي تدعو الى الفكر والأخلاق والإنسانية والسلام ونحوها.

وأضافة الخطيب الكفائي قائلًا:

أن تغريدات الأستاذ المعلم على “موقع التواصل الاجتماعي تويتر” رسالة أثبتت وحدة هدف الأديان, يقول الاستاذ المحقق: “المُضاف إلى الله: مَخلوق.. مملوك.. مُشَرَّف” ووردت هذه الالفاظ {أبناء.. أهل.. عيال.. أحباب.. خاصّة.. ليسوا آلِهة}. وفي القران الكريم قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ}، فقالت اليهود عزير ابن الله وقالت المسيح عيسى ابن الله. فالاية ماذا قالت: اذا كنتم ابناء الله واحباؤه، فلِمَ يعذبكم الاب؟ فلا يتوقع ان يقسو الاب على ابنه!، حيث ان اليهود تعرضوا لانواع العذاب.
ورد في العهد القديم الكتاب المقدس “ابناء الله ليسوا الهة”, وورد في سفر التكوين “ابناء الله رؤوا بنات الناس فاتخذوا لانفسهم نساء”. فابن في الانجيل لا تعني تناسل وتكاثر، اذ نقول ابن العراق، وابن البلد. ومن المتقرر عند أهل العلم أن إضافة مخلوق إلى خالقه. كإضافة الروح إلى الله (جل وعلا) في قوله: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي، وقوله: (نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا)، فهذه الإضافة تقتضي التشريف، لأن اضافة بعض المخلوقات إلى الرب تعالى معناه: أن هذه مخلوقات لها شأن خاص وذلك تشريف لها، وبالرجوع إلى الكتب المقدسة، نجد ان كلمة (ابن) تعني الرعاية والمحبة. وهي وصف لم يختص به المسيح عليه السلام. بل في العهد القديم الذي يؤمن به النصارى قال المسيح: (طوبى لصانعي السلام؛ لأنهم أبناء الله). واما عقيدة التثليث فهي مخالفة لدين المسيح عليه السلام؛ فلم ينطق المسيح بعبادة إله مثلث الأقانيم، ولم يرِد التثليث والأقانيم في الإنجيل. جاء في دائرة المعارف لبطرس البستاني، وهو نصراني، قال: (لفظة ثالوث لا توجد في الكتاب المقدس). وكتاب العهد القديم اثبت الوحدانية وابطل التثليث. فنجد مثلا في انجيل يوحنا الاصحاح الثالث يقول يوحنا: “وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته”, وفي النص دليل قاطع على عبودية الجميع لله، وأن المسيح مُرسل، وفي إنجيل مرقس الاصحاح الثاني عشر قال يسوع: إن أول كل الوصايا هي: “اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد”. فهذه وصية المسيح وبيَّن أنها أول الوصايا وأعظمها.

وتطرق الخطيب قائلًا:

فمن يريد أن يناقش المسيحية، عليه ان يناقشها من القراءة الصحيحة الوسطية المعتدلة؟ فكما نسال من يثير الشبهات على الاسلام، ومن يدعو الى الالحاد او الشيوعية، نساله أي اسلام تناقش؟ تريد أن تناقش الاسلام بقراءة ابن عربي؟ او تناقش الإسلام بقراءة ابن تيمية؟ او تناقش الإسلام بقراءة التقوى والوسطية ورفض السب الفاحش والتكفير؟. فيجب أن يفسَّر كلام المسيح في الإنجيل، على التوحيد ومعنى قول عيسى أنا وأبي واحد مثل قوله تعالى: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ومثل قول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّه ومنه الحديث القدسي الذي يقول: (عبدي أطعني تكن مثلي، تقل للشيء كن فيكون).
ومن هنا فإننا نؤكد كمسلمين بأننا مع التعايش الإسلامي ـ المسيحي، ونؤكد على الحوار مع أهل الكتاب بالّتي هي أحسن، وأن نلتقي على وحدة الله ووحدة الإنسانية، وحتى لو اختلفنا في بعض المسائل، فيجب ان يبقى الاختلاف في طور النقاش والرأي والرأي الاخر مع احترام الاراء وان اختلفت، نتجادل ونتحاور بالتي هي أحسن: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالتي هي أحسن إلاّ الذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون}.

وختم الخطيب خطبتهُ قائلًا

لماذا طُُلب منا ان نتدبر القرآن؟ والتدبر يعني أن نستنبط دلالات جديدة لهذه الآيات؟ فالقرآن يحوي أسرار الكون ، بما فيه، لكن الملحدين والمشككين يحاولون عبثا الطعن والتشكيك به.
ولكن الذي يطمئن قلوبنا كمؤمنين أن الله تعالى حدثنا مسبقاً عن مثل هذه الظاهرة، وأكد لنا أن هذه المحاولات لن تحصد إلا الفشل، وأن نور الإسلام سيبقى مضيئاً إلى يوم القيامة، (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
كعادتهم دائماً يتابع الملحدون انتقادهم، لأي شيء يصادفهم في كتاب الله وسنة نبيه (عليه واله الصلاة والسلام)، ويسوقون الحجج الواهية، على أن القرآن يناقض العلم والحقائق العلمية.. والذي يتعمق في البحث عن “دور الملحدين” يرى بأنهم يحاولون أن يخطِّئوا أي بحث في الإعجاز العلمي ويستخدمون الوسيلة ذاتها وهي: إما أن ينكروا الحقيقة العلمية، أو ينكروا التفسير العلمي للآية أو الحديث.
كان ذالك اليوم الجمعة 22من جمادى الأولى 1441هجرية الموافق 17 من كانون الثاني 2020 ميلادية.