بيان رقم (81): (الموت ولا المذلة … هيهات منا الذلة)

بيان رقم 81

الموت ولا المذلّة هيهات مِنّا الذلّة

سماحة المرجع السيد الصرخي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد:-

منذ فترة طويلة تقترب من السنتين انطلقت الثورة السورية، ولم نسمع أو نقرأ شيئاً صدر من سماحتكم بخصوصها، وهذا خلاف ما نعرفه عنكم من التفاعل مع الآخرين ونصرة المظلومين والمطالبة بالحقوق وتشخيص وتمييز الحق عن الباطل، خاصة ونحن اطّلعنا على تأييدكم ومباركتكم للثورات الأخرى في تونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها من بلدان، ونأسف عن نقل كلام يقوله البعض بأنَّ سماحتكم سكت بخصوص الثورة السورية بدافع طائفي؛ لأنَّ الصراع في سوريا صراع طائفي بين العلويين والسنّة أي بين الشيعة والسنّة فنرجو منكم الإجابة والتوضيح قدر الإمكان ولكم الأجر والثواب ونشكركم على تقبل السؤال؟

بسمه تعالى:

أولاً: إنَّ عدم اطّلاعكم على شيء لا يستلزم عدم صدور أي شيء، فقد صدر الكثير من الكلام بهذا الخصوص، ومنذ الأيام الأولى لانطلاق ثورة أبنائنا الأعزاء في سوريا الشام قد أيّدناها وباركناها ودعونا لدعمها ونصرتها بكل ما يُستطاع؛ لأنَّها ثورة شعب جائع مقهور مظلوم على سلطة ظالمة متجبِّرة، فكيف لا نكون مع المظلوم ضد الظالم؟ فهل نخرج عن الإسلام ومنهج الرسول الأمين وأهل بيته الأطهار (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين)؟ وهل نخرج من الأخلاق والإنسانية؟

ثانياً: وقد ذكرنا ونكرّر أنَّ شعار ثورة شعبنا في سوريا ((الموت ولا المذلّة)) هو تجسيد واقعي حيّ لشعار كربلاء شعار الحسين عليه السلام وآله وصحبه الأطهار ((هيهات منا الذلة))….. ((وإنّي ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنّما خرجت أريد الإصلاح في أمّة جدّي))…. ((والله لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً)…

ثالثاً: إنَّ دعوى كون الصراع في سوريا الشام صراعاً شيعيّاً سنّيّاً فهي دعوى باطلة جزماً، فهي من مُخترَعات ومختَلقات السياسة الباطلة والسياسيين الضالّين الظالمين، سياسة التكفير القاتل من مُدّعي التسنّن والتشيّع معاً، سياسة الانتهاز والانتفاع والمكاسب الشخصية و السُّحْت والحرام والفساد، فالصراع هناك هو في أصله وأساسه صراع بين شعب جائع مظلوم مقهور وسلطة ظالمة لا تريد أنْ ترحم أحداً بل لا تريد أنْ ترحم نفسها أيضاً فهي مستعدّة لحرق كلّ شيء من أجل البقاء والتشبّث بالسلطة والتسلّط، وستُحرق نفسها مع حرق الآخرين.

رابعاً: لقد نصحنا وننصح بأنَّه لا بدّ من الاعتبار ممّا حصل في باقي البلدان من ثورات مباركة ومصير مخزي للحكام، نعم منذ الأيام الأولى للثورة نبّهنا ونصحنا وقلنا وكتبنا … إنَّه لتكن الاستجابة سريعة، بل مباشرة لمطالب الشعب قبل أنْ تُفلت الأمور وتدخل وتتدخّل قوى إقليمية ودولية، فيخرج كل شيء عن السيطرة وسيحترق الجميع، وما زلنا نقول: ليستغلّ الحُكّام في سوريا كل فرصة تُقدَّم لهم من أجل إيقاف أنهار الدماء النازفة هناك، وليتخلَّوا عن السلطة حالاً قبل أنْ تُسَدّ وتُغلَق كل الأبواب، إنْ لم يكن قد أُغلق كل شيء إلا النار المحرقة والموت الزؤام.

خامساً: المعروف والشائع والغالب أنَّ انصراف لفظ وعنوان الشيعة إلى الجعفرية الإمامية الإثني عشرية، وهؤلاء يتميزون ويختلفون جذرياً وكُليّاً عن العلويين في الشام، واقصد النصيرية أتباع محمد بن نصير النميري، وأنا بنفسي تأكّدت وتيقّنت من أكثر من مصدر أنَّ أهل الشام أنفسهم يفرّقون بين الشيعة والعلويين، وقد ذكرت بعض التفصيل عن هذه القضية في بعض أجوبة ما وصلني من أسئلة.

سادساً: عندما نتحدّث عن السياسة الانتهازية الطائفية الظالمة، لا نخصّ بها طائفة دون أخرى، بل هي سياسة كل سلطة ظالمة عبر التاريخ سواء كانت السلطة مدّعية للتسنّن أم التشيّع أم العلوية أم غيرها من طوائف أو مِلَل أو نِحَل، فيستغلّون اسم الدين والطائفة من أجل إدامة الظلم والطغيان والقبح والفساد.

سابعاً: لمعرفة التكليف الشرعي والوظيفة العملية، يجب على كل مكلَّف مسلم الإطّلاع والتأسّي بسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أيّام حكومته الراشدة، وكيفية تصرّفه وتعامله مع أعدائه ومَن خرج على ولايته الشرعية حتى مع الخوارج والنواصب، بل حتى مع قاتله ابن ملجم اللعين ومن اشترك معه في جريمة الاغتيال المشؤومة.

الصرخي الحسني 13 / شوال /1433