المرجع الصرخي مستدلا بما رواه مسلم والبخاري :في توديع النبي لشهداء احد وتحذير اصحابه من الصراع على الدنيا

واصل المرجع الديني الاعلى السيد الصرخي الحسني (دام ظله ) محاضرات بحث ( السيستاني ما قبل المهد الى ما بعد اللحد) وقد اثبت سماحة المرجع الصرخي ( دام ظله) في المحاضرة الرابعة عشرة والتي القاها يوم الجمعة 30 ايلول 2016 اثبت فيها شرعية زيارة القبور معتمدا ً على سلوك النبي الاقدس محمد صلى الله عليه واله وسلم في زيارة قبور شهداء أحد الواردة في كتب الحديث والسيرة الاسلامية …
حيث قال سماحة المرجع الصرخي تحت عنوان المسجد الأقصى وشدّ الرحال :
” عندنا روايتان واحدة لمسلم والأخرى للبخاري بنفس المعنى وباختلافات بسيطة في اللفظ، تتحدّثان عن شهداء أحد، وصلاة الرسول الأمين صلّى الله عليه وآله وسلم عليهم بعد ثمان سنين وتوديعه لهم كتوديعه للأحياء.
إذًا روايتان الأولى في مسلم والثانية في البخاري، ونذكر الروايتين :
أ‌-قال مسلم: عن مرثد عن عقبة بن عامر قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على قتلى أحد، ثم صعد المنبر كالمودّع للأحياء والأموات (إذًا النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعامل مع الأموات وخاطب الأموات وودّع الأموات كالمودع للأحياء والأموات، حكى مع الأحياء ومع الأموات، متى؟ في واقعة، في حدث، بُعيد أو عند صلاته على قتلى أحد) عَنْ مَرْثَدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ {وآله}وَسَلَّمَ، عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، فَقَالَ: ” إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْجُحْفَةِ، إِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا فَتَهْلِكُوا كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ “، قَالَ عُقْبَةُ : فَكَانَتْ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ {وآله} وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ.

وعلق سماحة المرجع على الرواية قائلا ً : (إذًا حذّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتقاتلوا على الدنيا ويتنافسوا على الدنيا، ويقتل بعضهم بعضًا فيهلكوا بسبب الدنيا، يهلكوا سببًا وطلبًا للدنيا كما هلك من كان قبلهم، مع من يتحدّث؟ مع الصحابة، الآن أسألُ والكلام فقط للسؤال: لماذا قارن هذا الحدث، قارن هذا الخطاب؟ لماذا اقترن هذا الحدث وهذا الخطاب مع استدعاء واستحضار وتهيئة شهداء أحد وأذهان الناس لشهداء أحد، وبعد الصلاة على شهداء أحد وقتلى أحد عليهم الصلاة والسلام؟ )
وتسائل سماحة المرجع الصرخي عن سبب هذا الفعل من النبي (صلى الله عليه واله وسلم) : (( لماذا فعل هذا؟ لماذا قارن بين هذا وهذا؟ وبعد هذا تحدّث عن معارك، تحدّث عن صراعات، تحدّث عن تنافس في الدنيا، تحدّث عن هلكة وإهلاك واقتداء واقتران بمن سبق من الأمم التي أهلكها الله بسبب صراعاتها على الدنيا وتنافسها على الدنيا، لماذا فعل هذا؟ هل يريد أن ينبّأ بواقع الأطراف المتصارعة؟ هل يريد أن ينبه إلى قطبي الصراع؛ صراع أحد، قتلى أحد، شهداء أحد؟ لماذا فعل هذا؟ لماذا هذا الحدث؟ لماذا هذه الخصوصية حتى يحكي ويقول هذا الكلام ويحذّر من هذا الأمر ويتنبّأ بهذه المهلكة وهذه الفتنة ومضلات الفتن؟ لماذا حذّر الأصحاب من هذا؟ لماذا قرن هذا مع قتلى أحد؟ هل لأنّ العنصر البارز والجهة البارزة والصراع البارز والتحشيد والتحشيم والقيادة والرمزية كانت لبني أمية رضي الله عنهم وعليهم الصلاة والسلام؟ لأنّ هؤلاء هم حملوا رمز العداء والمكر والحرب ضد الإسلام وراية الإسلام وشهداء الإسلام ورموز الإسلام ونبي الإسلام؟ هل لأنّ هؤلاء رضي الله عنهم مزّقوا أجساد المسلمين، أكلوا الأكباد، مثّلوا بالجثث، نبشوا القبور، أكلوا لحوم الأموات البشر، شربوا الدماء؟ هل لأنّ هذا سيحصل لاحقًا من نفس البيوتات؟ هل ما حصل لاحقًا من تسلّط الأمويين والمروانيّين وما حصل بفعل تسلّطهم؟ هل ما وقع فعلًا يعطينا الجواب على ما فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومقارنة ما فعله بين حادثتين واستحضار أحد وشهداء أحد بعد ثمان سنين من استشهادهم؟ الله العالم بحقيقة الأمور. ))

ب‌-وقال البخاري:” عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال: صلّى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودّع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر ”
وعلق سماحة المرجع الصرخي على هذا النص من الرواية مؤكدا ً شرعية زيارة القبور من خلال فعل وسلوك النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) : (( هنا نحتاج إلى إشارة ونكتة مهمة جدًا، كيف مرّت هذه على البخاري، هل لأنّ البخاري ليس على مبنى التكفيريين الدواعش منتهكي حرمات قبور الأولياء الصالحين والأنبياء والمرسلين وسافكي الدماء؟ البخاري ليس على خطّهم، البخاري قال: صلّى عليهم كالمودّع للأحياء والأموات، تعامل مع شهداء أحد كالأحياء، مسلم نقل: بأنّ رسول الله صعد المنبر كالمودّع للأحياء والأموات فقال: صعد المنبر كالمودّع للأحياء والأموات، بينما البخاري وهو أنسب في السياق قال : صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودّع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر، كيف تعامل مع شهداء أحد؟ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصادق الأمين لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى، هذا فعل النبي بأمر الله سبحانه وتعالى، أتى إلى شهداء أحد، تعامل مع شهداء أحد بعد ثمان سنين، صلّى عليهم كالمودّع للأحياء والأموات، هنيئًا لزوار الحسين، هنيئًا لزوار قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هنيئًا لزوار قبور الأولياء الصالحين، هنيئًا لكم عندما تتعاملون معهم كما تعامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع شهداء أحد بعد ثمان سنين، بعد ثمانين عامًا بعد ثمانية آلاف عام، لا فرق في الأمر، قضيّة مشرعة، قضية ممضاة شرعًا، قضيّة فعلها النبي وبأمر الله سبحانه وتعالى، تعامل مع شهداء أحد كالمودّع للأحياء والأموات))

وأكمل سماحة المرجع الصرخي الحسني نقل الرواية مع التعليق عليها : ثم طلع المنبر فقال: إنّي بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإنّ موعدكم الحوض، (أيّها الصحابة، يا صحابة النبي: يقول لكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك الموقف بعد صلاته على شهداء أحد، وودّعهم كالمودّع للأحياء والأموات صعد المنبر وقال: يا أصحابي) إنّي بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإنّ موعدكم الحوض، وإنّي لأنظر إليه من مقامي هذا، وإنّي لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكنّي أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها، قال: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه {وآله} وسلم.

وقد أشار سماحة المرجع الصرخي الى انقاذ البخاري للباحثين في نقل هذه الرواية والتي تؤكد شرعية الصلاة على الشهداء كالصلاة على الأحياء حيث قال : (( أسعفنا البخاري وأنقذنا البخاري وأنعم علينا وأكرمنا البخاري بحالة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم عند صلاته على قتلى أحد على شهداء أحد بعد ثمان سنين، قال: كالمودّع للأحياء والأموات، جزيت خيرًا أيّها البخاري، لكن نهج الصحيح، نهج من كتب من جمع من نسخ الصحيح، هذا نهج البتر والتقطيع، هنا بتر (وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم) هذه لا تصرّف عند نهج البخاري، لماذا؟ لأنّه يوجد نبوءة بالقتال، بالتنافس، بالتقتيل، بسفك الدماء، بالهلكة كما هلكت الأمم السابقة ... ))

وطرح المرجع الصرخي تسائلا جوهريا ً في ضرورة التمييز بين من هو على حق ومن هو على باطل
: (( إذًا من يشمل هذا؟ هل علي أو معاوية؟ هل أصحاب الجمل أو أصحاب علي؟ هل أصحاب ابن الزبير أم أصحاب المروانيين أو الأمويين؟ هل الحسين وأصحاب الحسين أم يزيد وأتباع يزيد وجيش يزيد من الكوفيين ومن غير الكوفيين؟ من منهم سيكون في هلكة؟ من منهم سيكون في النار؟ من منهم سيشهد عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ توجد نبوءة قالها النبي، اهتمّ بها النبي، استحضر شهداء أحد وتعامل معهم كالأحياء والأموات وحذّر من وقوع الفتن والتنافس من أجل الدنيا والتقاتل من أجل الدنيا والهلكة من أجل الدنيا، من منهم الهالك؟ كيف نميز؟ إذًا هذا تحذير من النبي، هذه نبوءة من النبي علينا أن نميّز من هو على حقّ ومن هو على باطل.))
وختم المرجع الصرخي كلامه بالقول : (( إذًا كما هو نهج البخاري يقول، ينهي هذه الرواية، ينفي هذه الرواية يقول: ، وإنّي لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكنّي أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها، قال: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه {وآله} وسلم. البخاري، المغازي. ))