خطيب جمعة الديوانية: تأدّبنا على احترام الناس وآراءهم

عن المركز الإعلامي/ إعلام الديوانية
قال خطيب جمعة الديوانية سماحة الشيخ رياض الكرعاوي (دام عزه) أن مجتمعنا اليوم بشكل عام وبلدنا الحبيب بشكل خاص قد أجتاحته الانحرافات الأخلاقية والفكرية والعقائدية وخاصة شريحة الشباب التي هي أهم فئة عمرية من فئات المجتمع التي بها ينهض المجتمع فكان لزاماً ومؤكداً على الشباب المسلم الواعي أن يأخذ على عاتقه تحمل الأمانة الشرعية في الرسالة الإسلامية الوسطية الأصيلة وينتهج عدة سبل وفعاليات ممكنة والتي من خلالها يتم إيصال رسالة تربوية إسلامية للشباب ترتكز على الوسطية والتقوى والأخلاق الرسالة التي اعجبتنا وتربّينا عليها منذ التحاقنا بمرجعية السيد الأستاذ والتي نجد فيها الامتداد والتجديد لرسالة الإسلام الوسطي التي حملها الشهيدان الصدران الأول والثاني”رحمهما الله ورفع منزلتَيهما” فكان الراب المهدوي الحسيني الإسلامي الذي طوّره الشباب المسلم الواعد واستحدثوه فصار من الوسائل والأساليب المهمة لمخاطبة الشباب وإيصال رسالة تربوية لنشر وتعزيز السلام والوسطية والاعتدال مع التقوى والاخلاق من أجل انقاذ شبابنا المظلوم المحروم والذي فرّ من الدين والاخلاق الى الرذيلة والانحلال والجريمة والمخدرات والجهل والالحاد قال الله تعالى{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}الاعراف199، والكثير يسأل اليوم ما الهدف من استخدام الراب في تمرير رسائل اجتماعية؟

فالجواب البديهي والواضح لأن الراب قد اجتاج مجتمعنا الشبابي ونحن أصحاب رسالة نريد ايصالها لشبابنا إخواننا الأعزاء فنضطر لمخاطبتهم بالوسيلة التي اعتادوها ذهنيا وعمليا فهدفنا التربية الصالحة والإصلاح، فالقضايا التي يتناولها الراب قضايا اجتماعية وِفْقَ نظرة إسلامية واقعية معتدلة من منابعها الوسطية الأصيلة فالراب التربوي رسالة لكل الشباب حتى أبناء رجال الدين والمسؤولين والسياسيين على مختلف طوائفهم وتوجهاتهم واختلافاتهم وصراعاتهم، وكذا السؤال المطروح هو اذا كنتم أصحاب رسالة تربوية دينية أخلاقية، فالوسائل كثيرة يمكنكم استخدامها في مجالسكم وشعائركم الدينية، فلماذا الراب، ولماذا استيراد الراب وهو امريكي؟ فنقول للمعترضين علينا ان نكرر ما قلناه ونقوله دائما، اننا لو رجعنا الى أصل القضية، فنحن لم نأتِ بالراب ولم نستورد الراب، ولا علاقة لنا بالراب لا من قريب ولا من بعيد،
لكننا تعاملنا مع حالة مرضية اجتماعية، تعاملنا مع آفة اجتماعية قد ضربت المجتمع، تعامَلنا مع راب سيئ قد اجتاح المجتمع،
فكان واجبنا التعامل مع هذه الحالة المرضية الاجتماعية، فالراب موجود في المجتمع وقد ساد المجتمع الشبابي وصار جزءً من فكر وثقافة الشباب،
فهل نترك الشباب والمجتمع في الضياع والهلاك، أو نعمل بكل جهدٍ وبكل ما يمكن من اجل العلاج والإصلاح؟!
فهل تريدون منا ان نكون مع الفاسدين المفسدين من عمائم ورجال دين فنكون مشتركين معهم في إيصال المجتمع الى ما وصل اليه من انحراف وانحلال؟!
أو تريدون أن نسكت ونتقاعس عن أبنائنا واخواننا ونتركهم يضيعون امامنا وهم يختارون طرق الرذيلة واللهو والجريمة والمخدرات والهجرة والإلحاد؟! والتساؤل الاخر المطروح هو بأن الراب اساسا هو نوع موسيقي غربي الا يتعارض ذلك مع احكام الشريعة الاسلامية؟ أليس من الجدير خلق نوع جديد محلي عوضا عن استيراد صيحة غربية؟ فنقول قبل نزول القرآن وقبل البعثة النبوية وقبل الإسلام كانت الجاهلية تسود المجتمع كلّه وفي كل بلدان العالم، فكانت الموسيقى والاطوار والالحان كلها تستخدم في مجالس اللهو والطرب والحرام، ثم جاء الإسلام ونزل القرآن فصار المسلمون ولا زالوا يقرأون القرآن والأدعية والأذكار والأناشيد والمراثي والمجالس والنعي وثم القصائد الحسينية ونحوها، كلها يتم قراءتها على الأطوار والالحان والموسيقى السائدة في المجتمع والتي هي كلها في الأصل من الجاهلية ماقبل الإسلام.
فكلّ الالحان والاطوار والموسيقى في الأصل من الجاهلية واللهو والطرب والحرام ولكن تم استخدامها في الحلال،
اذن فالموسيقى بعنوانها العام من الأمور المباحة شرعا، ولا فرق فيها سواء كانت عراقية أو إيرانية أو امريكية أو هندية أو باكستانية أو صينية أو جنوب افريقية أو شرقية أو غربية أو أفريقية أو آسيوية أو أوربية، فلا فرق في كل ذلك،
ويبقى الاستخدام والمستَخدِم هو الذي يجعلها محرمة بعنوان ثانوي أو محللة.


فالراب والموسيقى حالها حال باقي الأمور المشتركة التي يمكن ان تستخدم في الحرام والإفساد واللهو والتكفير والاجرام، كما يمكن ان تستخدم في الحلال والإصلاح والسلام والتربية الصالحة والأخلاق،
فمثلا: الذرّةُ والعِلمُ نفسُه، قد استخدمه وسخّره البعض للحروب والاسلحة الحربية والقنابل الذرية والقتل والإرهاب، فيما استخدمه وسخّره اخرون للاكتشافات العلمية المفيدة للناس في كافة مفاصل ومناحي الحياة فيما يخدم البشرية والأجيال،
واذا كان الكلام عن الاستيراد من الغرب وامريكا، فهل عندنا أصلا أو بقي عندنا شيء غير مستورد من أمريكا والغرب؟! بل حتى (الديمقراطية) مستوردة أو مفروضة من أمريكا والغرب؟!
فالراب سواء أكان أسلوبَ مخاطبة او طورًا او لحنًا او موسيقى، فحكمه حكم اخواتِه المستخدمة في العلاجات الطبية والاناشيد العسكرية وفي الاعراس في كل البلدان وفي الاذكار والتواشيح والمواليد والاناشيد والمراثي والمجالس والقصائد الحسينية والمواكب الحسينية، فالحكم واحد للجميع ولا فرق بينها، جاء ذلك خلال خطبتي صلاة الجمعة التي أقيمت اليوم المصادف السابع من رجب المعظم 1440 هـ الموافق 15 من آذار 2019 م في مسجد النور وحسينية محمد باقر الصدر (قدس سره) وسط المدينة، وأكمل الشيخ الكرعاوي حديثه عن الأنتقادات التي صدرت على الراب المهدوي الحسيني الإسلامي قائلاً: نحن تأدّبنا على احترام الناس وآراء الناس حتى لو اختلفنا معهم، وأن لكل انسان اختيار ما يراه مناسبا من موقف أو كلام فللجميع حق الانتقاد،
ويكون النقد نافعا ومنتِجا حينما يكون علمِيا منصِفا خاليا من التعصب والسب والكلام الفاحش،
وأكثر النقد الصادر إما عن جهل أو تعصب فارغ، أو نابع من فكر كلاسيكي غير منفتح وهو أقرب للفراغ الفكري والتحجّر،
وبالتاكيد توجد جهات محرّضة شديدة وعنيفة التحريض، تشعر أن الراب التربوي الرسالي يؤدي الى توعية الشباب والمجتمع مما سيسبب الضرر بمصالحها وسيفقدها مكاسبها ولهذا فانها تريد أن يبقى المجتمع والشباب في ضياع وانحطاط، يسير نحو الفراغ الفكري والإلحاد و في جهل وتخدير للعقل وعدم الوعي، كي يبقى الفساد والإفساد والإرهاب والحروب والتهجير والنزوح والترويع وسفك الدماء، دون نقاش أو اعتراض!!
ونحن أصحاب رسالة تربوية اجتماعية حملنا امانتها ونعمل على ايصالها للمجتمع ولإخواننا شبابِنا الأعزاء، ونترك لهم الخيار في القبول والهداية والاهتداء أو الرفض والامتناع قال العليم الحكيم{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}آل عمران104، وأضاف الشيخ الكرعاوي قائلا ً: أن من الشبهات المطروحة اليوم هو أنه اذا كان الراب المهدوي كما تقولون يرجع الى الموسيقى، وان الموسيقى غير محرمة في نفسها، ولكنها تكون محللة او محرمة بحسب الإستخدام، فلماذا نجد حملة كبيرة يشنها رجال دين ضد الراب الذي تستخدمونه؟ فنقول لكل انسان رأيه واختياره، ولكن علينا ان نعلم ونتيقن أن الواقع يشهد لما نراه من أن الراب الأمريكي(الفاسد) قد استوردَه لنا وتسبّب في استيراده رجالُ الدين والروزخونية وامثالهم الفاسدون،
فبِسَبَبِ هؤلاء المتاجرين باسم الدين وبسبب فسادهم واستغلالهم للدين باسوأ واقبح استغلال، حتى صار المجتمع يقرِنَ ويربِط بصورة مباشرة بين العِمَامة ورجل الدين و السرقات والفساد والكذب والدجل والنفاق!!! فهرب الشباب من الدين ومن الإسلام الى الراب والمقاهي والحانات واللهو والانحلال والهجرة والكفر والإلحاد،
وقد ذكرنا أن أسبابَ حملاتِ المغرضينَ المعاديةِ كثيرةٌ، منها الجهل والتبعية للأشخاص وعبادة الأشخاص، إضافة للحسد والحقد عند آخرين، كما أن المال والاسترزاق، له دورٌ كبيرٌ في تحريك أقلام وافواه كثيرة،
ونؤكد على ان المحرك والمموّل والمحرّض الأكبر والأشد هي الجهات الدينية المفسِدة التي كشف زيفها المجتمع وقد هتف ضدها بالشعار المعروف ((بِسْمِ الدين باگونة الحرامية))،
هؤلاء المتاجرون بالدين الذين افسدوا في البلاد واعتدوا على العباد وانتهكوا كل المحرمات واوصلوا المجتمع الى الفقر والمرض والجهل والفساد، هؤلاء المعمّمون الذين اسّسوا للطائفية وقادوا حملات التصفية ودفعوا للتقاتل بين أبناء الشعب الواحد، فتسبّبوا في ظهور قوى التكفير والإجرام والإرهاب كالقاعدة وداعش والمليشيات،
نعم رجال الدين المزيفون هؤلاء قد جعلوا المجتمع وخصوصا الشباب ينفرون من الدين ومن أي خطاب ديني أو وسيلة دينية ومن أي عمامة ورجل دين حتى صارت شعارات الناس في كل وقت ومكان((بسم الدين باگونة الحرامية))،
ونؤكد دائمًا أنّه بسبب هؤلاء المعمّمين (من السنّة والشيعة) صار الشباب يفرّون من الدين والاسلام الى التميّع والمخدّرات والإلحاد وسوء الأخلاق، حتى صار الشاب يفتخر بالاقتداء بأهل الفسوق واللهو والتحلل والجريمة والإنحراف، ويقتدي بهم ويسمع أغانيَهم الهابطة بكل الالحان ومنها الراب،
فصارت ثقافة شبابِنا نفس ثقافة الشباب المنحرف من أمريكا والغرب وباقي البلدان، وما سماع أغاني (الراب الغربي والامريكي) إلا حلقة من حلقات الثقافة الغربية التي اعتادها الشباب بالرغم مما يتضمن من سلبيات وانحراف،
فاذا كان هؤلاء المعممون رجال الدين هم السبب في ضياع الشباب وتميّعهم وهجرتهم الى الألحاد واللهو والمخدرات، فكيف نتوقع منهم ان يرضَوا بهداية الشباب وتنوير عقولهم وزيادة الوعي عندهم وتمييز الصالح من الطالح واختيار طريق الهداية والإصلاح والوسطية والسلام والإعتدال؟!
بالتأكيد سيقف رجال الدين هؤلاء بكل قوتهم ضد الرسالة التربوية التي يحملها الشباب الواعي الواعد الشباب الذي عاهد الله أن يسلك طريق الله في النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باستخدام كل الوسائل المشروعة الممكنة ومنها الراب المهدوي الحسيني الإسلامي، الذي يتضمن القرآن والعقيدة والتاريخ والأخلاق والسلام والإستقامة والاعتدال،
وبعد الذي ذَكَرناه نقول: أين الراب (المهدوي.. الإسلامي.. الحسيني)وكل ما فيه من تربية ورسالة تقوى ووسطية وسلام وأخلاق، من الاستئكال باسم الدين وسرقة الأموال والطائفية وسوء الخلق والرياء والإستكبار وظلم الناس؟!!