خطيب جمعة الناصرية : التفائل بالله والتوسل باوليائه


المركز الإعلامي ـ إعلام الناصرية

تحدث الشيخ أبو هاني البدري خطيب وأمام مسجد وحسينية النبأ العظيم ـ مركز مدينة الناصرية ـ اليوم السادس من شهر ربيع الثاني 1440 هـجرية ـ الموافق 14 من كانون الأول 2018 ميلادية 
قائلاً : انَّ التَّفَاؤُلَ وَالأَمَلَ أَمْرَانِ لا بُدَّ مِنْهُمَا لِتَسْـتَمِرَّ عَجَلَةُ هَذِهِ الحَيَاةِ، فَلَولا التَّفَاؤُلُ مَا صَبَرَ عَلَى المَصَائِبِ صَابِرٌ، وَلَوْلا الأَمَلُ مَا بَنَى بَانٍ، وَمَا سَعَى سَاعٍ، إِنَّ لِلأَمَلِ سِرًّا عَجِيبًا يَجْـعَلُ صَاحِبَهُ قَوِيًّا مُتَحَمِّلاً أَمْوَاجَ الأَحْـزَانِ وَالآلامِ، وَيَجْعَلُ عَزِيمَتَهُ مُتَّـقِدَةً مُتَجَدِّدَةً؛ فَيَمْخَرُ بِفُلْكِهَا بَحْرَ الشَّدَائِدِ وَالصِّعَابِ. لَقَدْ كَانَ حُزْنُ نَبِيِّ اللهِ يَعْـقُوبَ – عَلَيْهِ السَّلامُ- عَظِيمًا عِنْدَمَا فَقَدَ ابنَهُ يُوسُفَ – عَلَيْهِ السَّلامُ ثُمَّ ازْدَادَ حُزْنُهُ يَوْمَ فَقَدَ بَعْدَ يُوْسُفَ آخَاهُ فَمَعَ عِظَمِ المُصَابِ كَانَ الأَمَلُ فِي اللهِ عَظِيمًا، وَمَعَ شِدَّةِ الكَرْبِ، مَا كَانَ لِليَأْسِ مَكَانٌ فَمَا أَعْـظَمَ الأَمَلَ، مَعَ عِظَمِ الشِّدَّةِ. وَفِي خَبَرِ أُمِّ مُوْسَى – عَلَيْهِ السَّلامُ- لِلأَمَلِ خَبَرٌ، لَقَدْ أَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ الأُمِّ الرَّحُومِ أَمْرًا فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ عَلَى قَلْبِهَا مَا فِيهِ،
فَمَعَ تَحَقُّقِ هَلاكِهِ بِإِبقَائِهِ مَعَهَا، كَانَتْ مَظِنَّةُ هَلاكِهِ بِإِلقَائِهِ فِي اليَمِّ مُتَحَقِّـقَةً، وَمَا كَانَ لأُمِّ مُوْسَى فِي الحَقِيقَةِ أَنْ تَتَحَمَّـلَ هَذِهِ الشِّدَّةَ لَولا الأَمَلُ، الأَمَلُ الَّذِي أَسْـكَنَهُ اللهُ تَعَالَى قَلْبَهَا، إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَيْهَا أَنَّ ابنَهَا سَيَعُودُ إِلَيْهَا سَلِيمًا مُعَافًى لِيَكُونَ مِنَ المُرْسَلِينَ، فَرَبَطَ بِذَلِكَ عَلَى قَلْبِهَا..
ااخوتي واحبتي انصارالله : لَقَدْ كَانَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ وَالهُدَى صل الله عليه واله يَحْرِصُ عَلَى بَثِّ رُوحِ الأَمَلِ فِي نُفُوسِ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ، ولا سِيَّما وَهُمْ فِي بِدَايَةِ الدَّعْوَةِ، حَيْثُ المُعَارَضَةُ عَلى أَشُدِّهَا، وَسُلْطَةُ الكَافِرِينَ فِي أَوْجِها، وَسِيَاطُ التَّعْذِيبِ وَالتَّشْرِيدِ تَضْرِبُ بِقَسْوَةٍ، فَكَانَ لا بُدَّ لِلنُّفُوسِ مِنْ أَمَلٍ يَسْـكُنُهَا فَيُطَمْئِنُهَا، أَمَلٍ فِي النَّصْرِ وَالتَّمْـكِينِ. جَاءَ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صل الله عليه واله وَهُوَ مُتَوَسِّـدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلا تَسْـتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: ((قَدْ كَانَ مَنْ قَبْـلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْـفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْـفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْـشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْـتَعْجِلُونَ))، فَمَعَ تَقْوِيَةِ النَّفْسِ عَلَى الصَّبْرِ بِذِكْرِ أَخْبَارِ الصَّابِرِينَ الغَابِرِينَ، يُذَكِّرُ المُصْطَفَى صل الله عليه واله أَصْحَابَهُ بِأَمَلِ النَّصْرِ وَالتَّمْـكِينِ قَائِلاً: ((وَاللهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ)). وَفِي يَوْمِ الأَحْـزَابِ بَلَغَ الكَرْبُ مَبْـلَغًا عَظِيمًا إِنَّهُ لا غِنَى لَنَا عَنِ الأَمَلِ مَهْمَا اشتَدتْ الحَيَاةُ، وَكَثُرَتْ مَصَائِبُهَا، وَتَوَالَتْ صُعُوبَاتُهَا.